اسطوانة ضعف الوازع الديني!
إبراهيم محمد باداود ..
كثير من الدراسات والأبحاث التي تُنشر خلال السنوات الماضية بل ومنذ عدة قرون عن العديد من الإنحرافات السلوكية أو بعض المشكلات الاجتماعية مثل انتشار الفساد الإداري أو تعاطي المخدرات أو العنف الأسري أو رفع معدلات الطلاق أو حتى انتشار التفحيط بين الشباب تشير إلى أن السبب الرئيس في تلك الانحرافات أو المشكلات هو ضعف الوازع الديني، وهذا ما أكدته مؤخرًا (نزاهة) في خبر لها أشار أن ضعف الوازع الديني والأخلاقي شكل 83% من أسباب انتشار الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي الخدمي، وهذا الأمر يعتبر غريباً بعض الشيء في وقت نعيش فيه في بلاد الحرمين ولدينا كثافة في الوعظ والإرشاد وكثرة في المساجد والخطب والمحاضرات والدروس والمناهج الدينية وغيرها من أساليب التوعية والدعوة المتعددة والتي تتميز بها هذه البلاد عن غيرها من دول العالم.
إنها قضية مهمة يجب أن نتمعّن فيها ولا نتجاهلها وأن نطرح العديد من الأسئلة من أجلها مثل هل المشكلة في أسلوب الخطاب الديني لدينا؟ أم المشكلة في أننا أعتمدنا على خطاب ديني موحد دون أن نعمل على تطويره وتنويعه للأجيال؟ أم أن البعض يؤمن بالدين كمنهج نظري ولا يطبقه بشكل كامل في الجانب العملي؟ فنحن ننادي بأن النظافة من الإيمان وبعض منازلنا وطرقنا بل حتى بعض مساجدنا غير نظيفة، ونؤكد بأن حسن الخلق هو جوهر الدين وبعضنا لا يحترم ولا يقدر الآخرين بل يخرج من المسجد فيتطاول ويتمادى بشكل غير لائق.
إحدى الدراسات التي نشرت قبل عامين أفادت بأن أيرلندا والدنمارك جاءتا في مقدمة الدول التي تحترم قيم وتعاليم الإسلام في حين خلت قائمة أول 20 دولة تحترم تلك القيم الإسلامية في تلك الدراسة من أي دولة إسلامية وكلنا يعرف بأن هناك الكثير من السلوكيات والأخلاقيات الموجودة في الغرب تطبق ليس لأنها مرتبطة بالإسلام بل لأنها مرتبطة بالقوانين والأنظمة ولأن من يخالفها سيعاقب بالرغم من أن ديننا يحثّنا عليها.
المشكلة ليست في الدين، فديننا دين عظيم وشامل لكل مناهج الحياة ولكن المشكلة فينا نحن إذ فشل كثير منّا في أن يجعل التعاليم الدينية سلوكًا ومنهجًا يطبقه في مختلف شؤون حياته، وفشل بعض من ينظر إليهم كقدوات في المنزل أو في المدرسة أو في العمل في أن يكونوا نماذج ناجحة للأجيال وعاشوا في تناقض وإزدواجية، بل وأحيانًا تعدّدية تختلف طباعهم وأفكارهم ومواقفهم من مكان لآخر وتتنوع تبعاً للمكان الذي يكونون فيه.
ضعف الوازع الديني، أصبح شماعة يعلّق عليها البعض معظم مشكلاته، في حين نجد الكثير من دول العالم تحظى بنسب أقل من نفس تلك المشكلات وهم بعيدون تمامًا عن الدّين ولكن هناك نظام يحكمهم وأنظمة وقوانين تحاسبهم ولا علاقة لهم بضعف الوازع الديني.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/11/14