فاجعة جدة وشقة الإسكندرية
حمود أبو طالب ..
نحترم القضاء وأحكامه ونقدر كوادره ونثمن ما حدث في بعض إجراءاته من تطور ملموس، إلا أن ذلك لا يمنعنا أحيانا من استغراب الوقت الطويل جدا للبت في بعض القضايا الهامة، وأيضا طبيعة بعض الأحكام فيها، خصوصا عندما تكون قضايا مجتمع ورأي عام كفاجعة سيول جدة.
نشرت «عكاظ» يوم الأحد أن محكمة الاستئناف أيدت حكما في تلك القضية على مسؤول بارز في قطاع حكومي بسجنه أربعة أعوام وتغريمه 300 ألف ريال لإدانته بأربع جرائم رشوة تسلم فيها سيارات وهدايا ومبالغ مالية أودعها في حسابه وفي محافظ استثمارية، واشترى منها شقة في مدينة الإسكندرية، وأيضا حصوله على رواتب شهرية من شركات كبرى وحصوله على سيارات فارهة وهدايا متنوعة مقابل الإخلال بواجباته الوظيفية في عقود تشغيل لشبكات مياه في مدينة جدة.
حسنا.. هذا المسؤول لم يرتش مقابل تمرير معاملات عادية لا تضر المجتمع، وإنما مقابل جريمة فظيعة أزهقت أرواحا بريئة في كارثة سمع بها العالم كله، ومع سبق الإصرار والعمد والاستمرار في ذلك. طبعا لا نعرف كم قبض من المال الحرام ولكن قيمة سيارة فارهة واحدة تفوق الغرامة التي أوقعت عليه، فما بالكم ببقية الهدايا والأموال، ناهيكم عن شقة الإسكندرية التي ستكون حتما على شاطئ جميل يليق بمكانة سعادته وبالتالي ستكون بمبلغ يفوق عشرات المرات تلك الغرامة البسيطة.
نكرر تقديرنا لأحكام القضاء ولكن مثل هذا المتهم الذي اشترك في جريمة فادحة وقبض الملايين النقدية والعينية ألا يستحق عقوبة تتفق وما اقترفه من جرم، وألا يدخل في الاعتبار أرواح الضحايا التي اشترك في إزهاقها، ألا يعتبر قاتلا مع غيره من القتلة الذين ننتظر أحكامهم العادلة وأسماءهم العلنية حتى لا تستمر كارثة أشباح غامضين وكائنات مجهولة.
سوف يمضي هذا المتهم أربعة أعوام في السجن ربما تحتسب منها مدة التوقيف وسوف يدفع الغرامة البسيطة وهو يضحك ثم يستقل أول طائرة ويستمتع بوقته في بلكونة شقته على شاطئ الإسكندرية، فهل ذلك معقول أيها الناس؟
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/11/15