المعارضة شتماً !!
محمد بتاع البلادي ..
• ثقافة ( المغالبة ) واحدة من أكبر علل العقلية العربية وأكثرها أثراً في سلوك العربي وتصرفاته .. هذا الفكر المكابر الذي يرفض الهزيمة، ويأخذ كل شيء بمبدأ ( يا غالب يا مغلوب ) كثيراً ما جنح بالشخصية العربية نحو التشدد والتطرف ، وصولاً للكذب والفجور في الخصومة من أجل كسب معاركها السياسية والعقدية . الأمر الذي أدى لأن تفقد العديد من المفاهيم والمصطلحات معانيها الأصلية عندما تمر من خلال فلتر ( المغالبة ) الذي يشغل مساحة كبيرة من العقل العربي ! .
• خذ مثلاً مصطلح ( المعارضة) الذي تعرض لتشوهات كبيرة في العقل الجمعي العربي حتى أصبح المعنى السائد له عند العرب هو الشتم والبذاءة والوقوف (على طول الخط ) ضد كل ما يعمله النظام ، والعمل على الانشقاق وإثارة غضب الشعوب وأحقادهم ،ولو باختلاق الشائعات والأكاذيب طمعاً في الثورات والفوضى .. بينما نجد المصطلح نفسه في الغرب يعني « الاختلاف داخل النظام ،وليس عليه « حيث يعمل المعارضون على البناء لا الهدم من خلال نشر سياساتهم وتصوراتهم لحل مشكلات المجتمع بشكل مختلف لكنه هادئ ووطني ومتحضر .
• المعارضة الحقة هي إحدى أهم وسائل مكافحة الفساد في الأنظمة الديموقراطية ، التي تسمح للمعارضين بالعمل تحت الشمس ، وتقديم رؤاهم ، التي وإن اختلفت مع رؤى الحكومات إلا انها تحترمها بالتأكيد ، كما تركز في الوقت نفسه على نقد السياسات لا نقد الشخصيات ومحاولة إسقاطها دون النظر لمصالح الأوطان العليا !
• ما يملأ الانترنت من شتائم وبذاءات وأكاذيب كتبت في الظلام من قبل شخصيات مجهولة لا يمكن أن تكون معارضة ، بل هي نتيجة طبيعية للفهم المشوه للمعارضة ،التي جعلت منها مرادفاً للخيانة والعمالة ، والعمل من أجل إسقاط الأنظمة وتقويضها ، لا من أجل إصلاحها وتقويمها.
• العقلية العربية (سلطة ومعارضة ) بحاجة الى تعلم المفهوم الصحيح لثقافة المعارضة ، وقبل ذلك هي بحاجة ماسة لاستبدال ثقافة (المغالبة ) بثقافة الإنصاف والاعتراف بالخطأ وعدم الحرج من الاعتذار عنه !.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/11/16