المال وضعف الوازع والشيطان ثالثهما!
عبدالله المزهر ..
تلقيت رسالة لطيفة من هيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، ردا على مقال كنت قد كتبته عن هذه الهيئة المسالمة اللطيفة، وكانت الرسالة توضيحا لماذا كان ضعف «الوازع الديني» هو السبب الأول في الفساد حسب الاستطلاع الذي أجرته.
وقد اقتنعت بالسبب، فنزاهة تقول إن هذا ليس رأيها ولكنه رأي العينة التي استطلعت رأيها. ثم فهمت من الرسالة اللطيفة أن دور نزاهة هو دور توعوي لنشر قيم الشفافية وإخبار الناس أن الفساد شيء سيئ يجب الامتناع عنه.
والحقيقة أن مشكلة نزاهة ليست في أنها لا تؤدي عملها، ولكنها في وجودها، فالأذكياء والأغبياء والأخيار والفجار والصالحون والمنحرفون والمهتمون بالشأن العام والذين لا يعنيهم الأمر كل أولئك يعلمون يقينا أن الفساد هو المعضلة الأولى التي تسببت في هدر موارد الدولة على مر عقود من الزمن، وفي سوء الدبرة والتخطيط، وفيما نحن فيه الآن من تقشف طال كل شيء إلا الفساد ذاته.
وحين أنشئت الهيئة كان الناس ـ المتضررون من الفساد ـ يحتفلون كمهاجم أحرز هدف الفوز في آخر دقيقة من مباراة نهائية. ولكن بعد أن باشرت الهيئة مهامها واكتشف الناس أن دورها يقتصر على إخبار الناس بما يعرفونه كان إحباطهم كبيرا وكأنهم ذات اللاعب الذي سجل هدف الفوز في آخر دقيقة ثم احتفل قبل أن يكتشف أن الحكم لم يحتسب الهدف بداعي التسلل.
وعلى أي حال..
أكرر شكري على رسالة الهيئة اللطيفة وعلى أنهم يقرؤون ما أكتب ـ وهذا من حسنات أعمالهم بالطبع ـ ولذلك فإني أكرر أيضا إخبارهم بأن الناس يعلمون قبل أن تنشأ الهيئة بأن الفساد هو هدر للموارد، وأن هدر الموارد فساد، وأن الفساد شيء قبيح يدمر الأوطان ويملأ الصدور بالغضب والاستفزاز والقهر. والذي قد لا تعلمه الهيئة أن كثيرا من الناس يعتقدون أن وجود هيئة تخبرهم بما يعلمون يمكن أن يكون فسادا هو أيضا.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/11/20