في ذكرى بسيوني وتقريره «المر»
هاني الفردان ..
اليوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، يصادف الذكرى الخامسة لصدور تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة محمود شريف بسيوني، وقبل أكثر من خمسة أشهر وبالتحديد في (5 يونيو/ حزيران 2016) قال رئيس لجنة تقصي الحقائق محمود شريف بسيوني في بيان أصدره ووزعه على موقعه الالكتروني إن حكومة البحرين، وبعد خمس سنوات «نفذت 10 توصيات بشكل كبير فقط، من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، في حين أن 16 توصية أخرى تم تنفيذها جزئياً فقط، وذلك من أصل 26 توصية وردت في التقرير»، وذلك خلافاً لما نشرته وكالة أنباء البحرين (بنا) نقلاً عن السيد بسيوني في (9 مايو/ أيار 2016) «إن أهداف توصيات اللجنة البحرينية المُستقلة لتقصي الحقائق قد تحققت»!
مع مرور خمس سنوات على صدور تلك التوصيات مازال السيد بسيوني يشدد على ضرورة أن «تظل اثنتان من التوصيات من أولويات الحكومة، وهما: الإفراج عن الأشخاص المدانين على أساس المعتقدات السياسية وأعمالهم، وعلى أساس حرية الرأي والتعبير. وهذا يشمل 16 شخصاً رفيعي المستوى أدينوا على هذه الأسس. والأمر الآخر هو السعي للتحقيق مع المسئولين عن مقتل خمسة أشخاص تحت التعذيب والتثبت من مسئولية رؤسائهم».
وبما أن تقرير لجنة تقصي الحقائق وتوصيات السيد بسيوني وصفه أحد الوزراء في مؤتمر صحافي علني بأنه «موجع للحكومة»، و«دواء مر» يجب تجرعه من أجل أن تسود الديمقراطية في البحرين، هو الوصف الأكثر مقاربة للحقيقة التي يمكن أن يقاس من خلالها مدى تأثير التقرير ووقعه على الحكومة، فإن السيد بسيوني وبعد خمس سنوات من ذلك مازال يرى أن الأمور لم تعد لنصابها الحقيقي وأن «مهمة الحكومة لم تنتهِ بعد، على رغم أن عمل اللجنة قد انتهى. هذا ليس مطلوباً فقط من أجل تحقيق العدالة، ولكن هناك حاجة لدفع عجلة العدالة الاجتماعية والمصالحة السياسية. البحرين تحتاج ذلك من أجل مستقبلها، وتحتاج المنطقة مثالاً إيجابياً في وقت تعج فيه بالمآسي الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان».
بعد خمس سنوات، مازال هناك من يقول عكس ذلك، فالمشكلة في كل من يطلق تلك الاتهامات، أنه لا ينظر إلى أصل القضية وحقيقتها، ولا لصحة المعلومات، وليس من جاء بها أو كيف جاء بها، أو ممن أخذها.
من يشوّه سمعة البحرين ليس من يكون أميناً لعمله ويتحدث بصدق وإخلاص بشأن القضايا بهدف إصلاحها وتجاوزها، من خلال تعريفها، والاعتراف بها، ثم التراجع عنها.
من يشوّه سمعة البحرين، هو من يمارس الفعل المشين كنشر الأحقاد والدعوة إلى استخدام البطش ووسائل تدينها البشرية، والتحريض، وبث الكراهية، ومحاكمة النوايا وتوزيع التهم... من يشوه سمعة البحرين هو من يتعمد الكذب ويصر على نكران كل شيء على رغم أن الشمس لا يمكن حجبها، ويبحث عن الذرائع المدانة إنسانياً.
فإذا كانت نظرية الحديث عن مشاكل البحرين تشويهاً لسمعة الدولة، فإن ديوان الرقابة، أو مجلس النواب مثلاً متهمٌ أيضاً بذلك كونه يتحدث حالياً عن فساد، والنواب يسعون لمحاسبة وزراء ومسئولين وكذلك أجهزة رسمية، والتحقيق معهم وإحالة بعضهم للنيابة العامة بتهمٍ متعددة، حسب ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية، وأن ذلك الحديث سينقل للصحف العالمية وسيترجم أيضاً وستستغله المنظمات الدولية في تقاريرها المتعلقة بالشفافية والفساد.
بعد خمس سنوات، هل توقفت شكاوى سوء المعاملة والتعذيب واستخدام القوة المفرطة؟ فبيانات وحدة التحقيق الخاصة مازالت تقول إن تلك الشكاوى مستمرة وبشكل شهري.
بعد خمس سنوات، هل حوكم المسئولون عن مقتل خمسة أشخاص تحت التعذيب في السجون، وهو ما أثبته تقرير تقصي الحقائق.
بعد خمس سنوات، هل توقفت لغة التحريض والكراهية؟ وهل تم محاسبة من يتحدثون عن ذلك علناً؟
بعد خمس سنوات، لم يتم تجرع ذلك الدواء المر الذي تحدث عنه الوزير، ولذلك لم تشف البلاد بعد من علاتها وبحسب تشخيص طبيبها السيد بسيوني.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/11/23