اللعب على وتر «الولاء للوطن»
هاني الفردان ..
«إذا أردت السيطرة على الناس... أخبرهم أنهم معرضون للخطر، ثم حذّرهم أن أمنهم مهدد، ثم خوّن، وشكّك في ولائهم ووطنيتهم»، مقولة مشهورة - أدولف هتلر.
الحديث عن «الولاء للوطن» لا يقف عند حد معين، فهو مستمر ومتكرر جداً، ولدى البعض يجب أن يكون ذلك المفهوم مفصلاً بمقاييسهم فقط، ووفق منظورهم واحتياجاتهم، ومواقفهم وتصرفاتهم، والظروف المحيطة بهم حتى إقليمياً ودولياً.
منذ سنوات، ومقياس «الولاء للوطن» مطاطي جداً لدى بعض الجماعات، فهو مقياس خاص، بمعايير خاصة، يجب أن تنسجم مع متطلباتهم وتوجهاتهم، فهم يخالفون تلك المعايير في سلوكهم ومواقفهم، ويرمون في الوقت ذاته الآخرين بها.
«الولاء للوطن» له محددات ثابتة ومعايير والتزامات واضحة يجب أن تطبق على الجميع دون تمييز بين طرف وآخر، ولا فرق بين دولة وأخرى وتنظيم وآخر، فالقانون يجب أن يشمل الجميع، وإلا فمن ولاؤه لتركيا مثلاً وغيرها من الدول عليه أيضاً أن يرحل لها، كما يطرح من شعارات، حيث يجب أن تنطبق القاعدة الواحدة على الجميع.
لا أحد يعلم الغيب عمّا يحدث من رد فعل من الجميع وليس من فئة معينة في حال حدثت تغيرات وتطورات لا يدركها أحد، ولكن تبقى مسألة الولاء للوطن، ليست حكراً على أحد، وليست منسوبة لفئة ومسحوبة من فئة أخرى تأمل تحقيق العدل والمساواة بين جميع أبناء الوطن.
على أبناء الوطن، بلا تمييز ولا تفريق ولا تصنيف، أن يقفوا يداً واحدة وجميعاً، في وجه أي عدوان خارجي من أي طرف كان، فنكاد أن نجزم بأن كل البحرينيين لن يتوانوا أبداً في الدفاع عن «حياض الوطن» حتى دون الحاجة لما طرحه البعض من قبل من إعلان فتح باب الجهاد «داخلياً» في موقف غريب، لا يعرف من سيجاهد ضد من؟
لا أحد يعلم الغيب عما سيحدث، ولكن نعلم ويعلم الجميع، أن تاريخ شعب البحرين ثابت وقوي وراسخ في الجذور، وأن أبناء شعب البحرين بمختلف تلاوينهم، سيدافعون عن دينهم وأرضهم وعروبتهم وقيمهم.
مع كل ذلك، فالحديث لا يمكن أن يكون بالمثالية المطلقة، بل كما هو حال كل المجتمعات فإن وجود بعض الاستثناءات هنا أو هناك أمر وارد، وهي استثناءات وشواذ ستكون موجودة لدى الجميع، في أية فئة أو طرف، من هذا وذاك.
ليس من مصلحة أحد التشكيك في ولاء أبناء الوطن، لمجرد الاختلاف في وجهات النظر، ولكون فئة لديها مطالب حقة، لا يمكن له وغيره نكرانها أو حتى التهرب منها، فهناك فئات أخرى يمكن التشكيك في ولائها أيضاً، ولكن لكل قواعد شواذ، ووجود البعض لا يفتح الباب للتعميم على الكل.
في عالم الكلام والأحاديث، الكل سيكون بطلاً يحمل لواء الوطن على ظهره، ولكن عندما تدق ساعة الحقيقة ويكون الوطن فعلاً في حاجة لأبنائه للدفاع عنه، ستتضح الأمور، وستتعرى النفوس، وتنكشف معادن الناس.
جميع أبناء الوطن سيقفون مع بعضهم للدفاع عنه، وإن كان هناك من شواذ، فهي لن تكون فقط في فئة دون أخرى، والشواهد كثيرة، ولكن لا يمكن تعميمها والبناء عليها، وما هي إلا فئات منشقة ستكون خارج السياق العام ووحدة الشعب وتماسكه.
قيم «الولاء للوطن» العمل على إبراز الوحدة الوطنية وجعلها هدفاً يعمل الجميع على تحقيقه والمحافظة عليه، كما أن قيمة التسامح جزء مهم من قيم الانتماء، فكل من على هذه الأرض له الحق في المشاركة والمساهمة والتفاعل في كل ما يخص هذا الوطن دون تمييز، حتى يجد ذلك المواطن نفسه منغرساً في وطنه وفي كل مكان ومهنة ومركز وموقع بلا استثناء، وبلا تمييز، وبلا تشكيك.
يقوم مفهوم المواطنة على القيم والمثل الثلاثة العليا الأساسية (المساواة، الحرية، العدالة) والتي تفترض في مجملها توافر مناخ يكفل للفرد أن يتلمسها جميعاً، دون أن يشعر بالغبن في جانب من جوانبها.
وحتى لا نترك مساحةً لأحد ليلعب ويتلاعب بمفهوم «الولاء للوطن»، لابد من وجود ممارسة فعلية تجسد ذلك المفهوم، من حيث التمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والحريات وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز بينهم على أساس اللون أو الجنس أو المذهب أو غير ذلك.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/11/28