كثير من الملح يقتل!
عبدالله المزهر ..
لا أنكر سعادتي بإعلان نزاهة الأخير بخصوص التجاوزات في بعض الوزارات، فأنا أحب رؤية الناس والوزارات والهيئات تتغير وتغير بعض قناعاتها، وكنت قد قلت لنزاهة مرارا بأني سأتولى أمر كتابة المواعظ الحسنة والتذكير باليوم الآخر على أن تتفرغ هي لدور أهم يتعدى الكلام إلى شيء من العمل. وبيان نزاهة خطوة للأمام تُحسب لها ولكنها ستحسب عليها إن تلاها بضع خطوات للخلف.
وهذه الخطوة ـ رغم أهميتها ـ إلا أنها لا تعني أي شيء حتى الآن على أرض الواقع، فكل ما فعلته نزاهة أنها أخبرتنا أنها تعرف ما يعرفه الناس كلهم، لكن ماذا سيحدث بعد معرفة نزاهة ورفعها تقريرها إلى جهات أعلى هو المهم. إن لم يحدث شيء ولم يُحاسب أحد فهذه بشارة «بطول سلامة» الفساد الذي تكافحه نزاهة.
والحقيقة أني أتعاطف ـ قليلا ـ مع هيئة مكافحة الفساد لأنها أولا ألقيت في بحر متلاطم مكتوفة اليدين، وثانيا لأن مهمتها غير واضحة ـ بالنسبة لي على الأقل ـ وقد حاولت كثيرا فهم أوجه الشبه والاختلاف بينها وبين ديوان المراقبة العامة وبين ما يفترض أن يفعله مجلس الشورى ووجدت أن الأمر يبدو عصيا على الفهم، وبالطبع فإني أعني فهمي أنا، لأنه من المؤكد أن هنالك من يفهم هذه التركيبة.
والحقيقة الأخرى أن الكثيرين حين يذكر الفساد يقولون بأنه موجود في كل مكان في العالم، وهذا صحيح طبعا، لكن دعونا نتفق أن الفساد في الدول مثل الملح في الطعام، ودعونا نتفق أيضا أننا «نسف» الملح وحده منذ عقود وهو وجبة غير صحية على الإطلاق. قليل منه مقبول أما الكثير فإنه سم قاتل.
وعلى أي حال..
وفق الله نزاهة والقائمين عليها والجالسين بجوارها، وأتمنى ألا يتغير دورها من كتابة المواعظ والحكم ليصبح دورها الجديد هو إصدار بيان للناس حين يتحدثون عن الفساد تخبرهم فيه بأن «عندها خبر».
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/12/02