حق المعرفة
عبدالله المزهر ..
من المفترض أن الميزانية العامة للدولة قد أعلنت، وأنكم الآن تتجمعون زرافات ووحدانا حول مقالي العظيم هذا وقد عرفتم ما عليكم في هذه الميزانية.
والحقيقة ـ كما أخبرتكم مرارا ـ أني لا أفهم كثيرا ولا قليلا في لغة المال والأعمال والاقتصاد، وهذه مشكلة الأرقام وليست مشكلتي.
ولكن عدم العلم ـ كما اتفقنا ـ لا يمنع من الفتوى، ولا بد أن أدلي بدلوي في بئر الميزانية العميقة كما يفعل الناس جميعا. والجميل في جهلي ـ والجهل كله جمال ـ أنني لست مضطرا لانتظار إعلان الميزانية حتى أبدي رأيي فيها وفي أرقامها؛ لأن ذلك لن يغير في الأمر شيئا، ولن أفهم حتى لو قرأ المذيع تلك النشرة على مسمعي عشرات المرات.
وللمساعدة في أمر الميزانية لمن يريد الفتوى مثلي فإن هناك ثوابت لا تتغير، ويمكن لأي أحد أن يقولها دون اشتراط الفهم أو معرفة خبايا وخفايا الأرقام والجداول.
يمكن القول ـ دون تحفظ ـ إنها ميزانية الخير، وإننا متفائلون بمستقبل واعد ومشرق، وإنها أفضل ما يمكن أن يحدث في مثل هذه الظروف، وإن الأرقام تدل على قوة ومتانة الاقتصاد السعودي.
والحقيقة أيها السيدات والسادة أنها قد تكون كذلك فعلا ـ وهذا ما أتوقعه وأتمناه ـ لكن تكرار العبارات نفسها في كل مرة مهما كانت الأرقام لا يجعل من تلك العبارات شيئا يمكن الالتفات إليه، وهذه طبيعة بشرية لا ذنب للحقائق فيها.
وعلى أي حال..
أظن أن حل هذه المشكلة وجعل الكلمات التي تقال في وسائل الإعلام ذات مغزى ومصدقة ومتقبلة من الناس يكمنان في أن تكون كل أرقام الميزانية واضحة، وأن من حق الناس ـ الذين يفهمون في الأرقام على الأقل ـ أن يعرفوا كل شيء، كل ما يدخل وكل ما يخرج، لأنه من الصعب أن يكون كل ما يعرفه الناس عن الميزانية هو معرفة ما سيدفعونه من ضرائب ورسوم دون أن يكون لهم من الأمر شيء حتى ولو حق المعرفة.. ليس إلا!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/12/22