هذا الإنسان: مفسد سافك للدماء!!
سالم بن أحمد سحاب ..
في أكتوبر الماضي أكمل الغزو الأمريكي لأفغانستان عامه الخامس عشر، والذي سبق غزو العراق بشهور قليلة. السؤال العريض الطويل ما ثمرة هذه الحرب الهوجاء؟ ما هو الثمن المالي الذي تحملته الولايات وحلفاؤها؟ وما هو الثمن البشري الذي دفعه الضحايا من الأفغان أولًا، ثم من الغزاة ثانيًا.
الكاتبة الأمريكية ليندا بيلمس من جامعة هارفارد (وقد ألفّت مع زميلها جوزيف سيتجليتز كتابا بعنوان حرب التريليونات الثلاثة)، تقول: إنها توقعت أن تكلفة الحرب في أفغانستان لم تتجاوز ثلاثة تريليونات دولار عند تأليف الكتاب عام 2008. أما اليوم فهناك تقديرات جديدة تؤكد أن هذه التكلفة ارتفعت إلى 5 تريليونات دولار، ناهيك عن التكلفة البشرية المرتفعة المنظور منها وغير المنظور.
هذه الأرقام الفلكية لم تأتِ من جيوب دافعي الضرائب مباشرة، وإنما عبر الاستدانة المستمرة التي سيدفع ثمنها الأجيال القادمة، حتى باتت الولايات المتحدة أكبر دولة مديونة في العالم وبمراحل متقدمة (يبلغ دينها قرابة 20 تريليون دولار)، وتبلغ تكلفة إرسال جندي واحد إلى أفغانستان قرابة 5 ملايين دولار سنويًا بعد أن كانت مليونًا واحدًا عام 2008م.
ترى ماذا كسبت الولايات المتحدة من هذه الحرب الضروس التي دمرت وأحرقت وقتلت؟.. بلغة الربح والخسارة، لم تربح شيئًا، فالبلد لا تزال في كثير من أرجائها تحت سيطرة طالبان، وما تبقَّى مهدد يفتقد الأمن ويفتقر للخدمات! هذه فاتورة الحرب في أفغانستان! ولعل فاتورة العراق لا تقل عنها وربما تزيد!
ودعونا نستعرض بعضًا من جوانب هذه التكلفة الباهظة غير المبررة لا عسكريًا ولا أخلاقيًا ولا اقتصاديًا ولا إنسانيًا. 5 تريليونات دولار تعادل ميزانية المملكة المرتفعة أصلًا لمدة 22 عامًا، وتعادل ميزانية الأردن 416 مرة، كما تعادل ميزانية العراق (الثانية بعد المملكة) قرابة 50 مرة، وميزانية المغرب 117 مرة وميزانية السودان500 مرة!.
تصوروا فقط كم هي شقية هذه البشرية بوجود عقليات عنيفة تعشق أجواء الحروب والقلاقل والعنف والفتن، وتديرها عقول أخرى جهنمية لا تكاد تخمد حرب حتى توقد نارًا لحرب أخرى!!
هكذا هو الإنسان الذي انحرف عن الطريق وتنازعته الشياطين! هكذا هو يفسد في الأرض ويسفك الدماء ويزيد من تعاستها وشقائها وتدهورها.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/12/25