ألهاكم التكاثر!
عبدالله المزهر ..
أظن أن كثيرا منكم أيها الجمع المبارك من السيدات والسادة قد استنتج ـ بشكل أو بآخر ـ أني قد أكون فاشلا في القيام بمهمة «الأب»، وهو استنتاج لا يبتعد كثيرا عن شواطئ الحقيقة.
ولكن الأبوة والتكاثر نتيجة حتمية لوسيلة الترفيه شبه الوحيدة الموجودة في هذه البلاد المباركة. وأنا لست استثناء في الإسراف في ممارسة الترفيه الذي كان سببا مباشرا في وصول عدد سكان المملكة إلى أكثر من 31 مليون إنسان.
أحد الأدلة التي أستشهد بها دائما على أني لست مؤهلا لأكون أبا جيدا هو أني عندما أدخلت ولدي الأول للمدرسة كنت مقتنعا قناعة تامة لا يخالطها الشك أن مهمة المدرسة هي تعليمه القراءة والكتابة، ولم أبذل أي جهد يمكن ذكره في التحقق من هذا الأمر أو متابعته.
ثم اكتشفت بالصدفة بعد مرور ثلاث سنوات وعند دخوله للصف الرابع الابتدائي محملا بشهادات التفوق والتقدير والثناء أنه لا يجيد كتابة اسمه بشكل صحيح، ولا يستطيع قراءة سطرين متتابعين. فبدأت في تعليمه من جديد واكتشفت ـ لشديد فطنتي ـ أن المدرسة ليست معنية بتعليم الطلاب كثيرا، وبالطبع فإن المسألة لا علاقة لها بالمعلمين ولا بالمدرسة، ولكن النظام نفسه لا يمكن أن ينتج سوى مجموعة من الكائنات التي لا تقرأ ولا تكتب ولا تفهم، والاستثناءات التي تحدث تكون إما نتيجة اجتهاد معلم أو اجتهاد من الأسرة نفسها.
المشكلة في النظام وفي المنهج والذي دائما ما يكون الحديث عنه أيقونة صراع تيارات وأجندات وأيدلوجيات مما يبتعد به عن فكرة تغيير المناهج على أسس علمية واضحة دون تفكير في إرضاء تيار أو إغضاب آخر.
وعلى أي حال..
وعودة على بدء وتكرارا لما سبق أن قيل، فإني مؤمن أن مهمة المرحلة الابتدائية في المدارس هي تعليم الطلاب القراءة والكتابة والتفكير واحترام بقية المخلوقات، أما ما عدا ذلك من معارف وعلوم فيمكن تعلمها لاحقا، وسيكون الأمر أسهل على الأسرة والطالب والمعلم والمدرسة وسائق الباص وحارس المدرسة وعامل النظافة!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/12/28