إقصاء الأفراد عن «السوق الموازية»
خالد بن عبدالعزيز العتيبي ..
يمثل الأفراد الجانب المهم في كل سوق مالية سواء كانت رئيسية أو موازية Parallel Market، وبالتأكيد هم أحد الأضلاع المرتبطة في نجاح الأسواق المالية، وذلك نظير القوة المالية المجتمعة التي يتمتع فيها هؤلاء الأفراد على مختلف ثقافاتهم الاستثمارية وتباين خبراتهم وتنوع محافظهم.
فالمستثمرون الأفراد هم الركيزة في بناء أي سوق مالية، وهم أحد الأركان التي تساهم في دعم استقرارها متى ما تمتعوا بوفرة في ثقافتهم الاستثمارية وحصيلة جيدة من الوعي الاستثماري من شأنها تجنيبهم المخاطر العالية، وهم الرقم الصعب في اضطراب السوق وانهيارها متى ما كانت الثقافة الاستثمارية ونسبة الوعي لديهم متدنية، وهم اللذين عند عزوفهم عن الشراء تصاب فيه الأسواق بالركود والهزال.
المناسبة مما فات من أسطر هو أنه لا يوجد تفسير مقنع لإقصاء الأفراد عن الاستثمار المباشر في السوق الموازية التي ستبدأ اعتبارا من 26 فبراير 2016 وحصر مشاركتهم بالشروط والقيود، فلا أحد يستطيع أن يفكر بأن سوقاً تشترى وتباع فيها الأسهم كيف ستكون من دون أحد أبرز محركاتها الرئيسية، وأقصد بهم المستثمرين الأفراد بتنوع مستويات رؤوس أموالهم واختلاف توجهاتهم الاستثمارية، فلم أسمع من قبل عن أي أسواق أسهم سواء كانت رئيسية أو موازية تم فيه إقصاء الأفراد عن الاستثمار المباشر ومنعهم من الشراء أو البيع فيه إلا باستيفائهم للشروط أو قصر تعاملاتهم عن طريق الصناديق الاستثمارية في حال رغبتهم.
الأسواق الموازية لأسواق الأسهم الرئيسية التي أعرفها ليست بتلك الجاذبية للمستثمرين بمختلف فئاتهم، وتعاني من ضعف في الإقبال عليها وتفقد قدرتها أحياناً في رفع نشاطها إلى المستوى الجيد، وتعاني من خمول في التعاملات عليها، وذلك بسبب أن الشركات المدرجة فيه إما حديثة التأسيس، وإما مثقلة بالخسائر الكبيرة في رؤوس أموالها بعد أن عوقبت بإسقاطها من السوق الرئيسية لعدم وفائها بمتطلبات الإدراج وانتهاكها للمعايير التي منها تدني كبير في القيمة السوقية وإخفاق السهم في الحفاظ على سعر لا يقل عن دولار واحد ولا يجب أن يبقى دونه لفترة ما بين 90 و180 يوماً كما يحدث في بورصة الناسداك الأميركية.
إن فرض القيود على المستثمرين المواطنين الأفراد في السوق الموازية لا يواكب الممارسات العالمية، فالاعتراض على أن مخاطر الاستثمار في السوق الموازية سوف تكون عالية عليهم ليس مقنعاً، وذلك لأن قناة الاستثمار في الأسهم بمجمل أسواقها الرئيسية والموازية لها مخاطرها العالية وليس ذلك فحسب، وإنما الضخمة جداً، ودائماً ما يتحمل صاحب القرار الاستثماري سواء كان فرداً أو مستثمرين مؤهلين بمختلف تصنيفاتهم المسؤولية الكاملة عن قراراتهم.
من الأفضل انتهاج سياسة حكيمة في التعامل مع الأفراد كقوة استثمارية جاذبة لا كقوة نابذة، وذلك باحتضانهم في الاستثمار المباشر في السوق الموازية وعدم المساس في حريتهم الاستثمارية وترك خيار المشاركة متاحا لهم متى ما أرادوه دون قيود، وأخشى إن لم يحدث ذلك أن ينشأ عن فرض القيود على استثمارهم المباشر مصاعب ومتاعب قد تكون مُخِيفَة من حيث عدم قدرة السوق الموازية على تحقيق ما هو مطلوب منها من نجاح ونشاط.
لا أحد يريد سوقاً وليدة يكون فيها أي تشوه نتيجة عدم تطبيق الممارسات العالمية من حيث إبعاد المستثمرين الأفراد وحصر تعاملاتهم بالمتطلبات.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/01/06