لوبي المتحرشين العظيم!
عبدالله المزهر ..
يقال ـ والعهدة على الرواة ـ إن الأمانات تتجه إلى عدم السماح للسيدات بالعمل في عربات الطعام المتنقلة منعا للاختلاط والتحرش.
ولست متأكدا من صحة الخبر، لكنه يبدو في السياق الطبيعي للأشياء، ويبدو خبرا مألوفا يشبه الكثير من الأخبار في هذا الباب العظيم ـ أعني باب المرأة والمجتمع ـ، والمشكلة ليست في منعهن من العمل في هذه العربات حتى وإن كن يمتلكنها، ولكن المشكلة والمعضلة الحقيقية أن التخوف من تعرضهن للتحرش تخوف حقيقي وصحيح وفي محله. إذا عملن فمن المؤكد تعرضهن لبعض المضايقات والتحرشات، سواء اللفظية أو ما هو أبعد من ذلك.
وتوالي قصص نجاح المتحرشين الملهمة ونجاحاتهم العظيمة جعلني أميل إلى القناعة بأننا كمجتمع وكجهات تشريعية نحترم هؤلاء المتحرشين ولا نريد أن نجرح مشاعرهم المرهفة وإحساسهم العالي، ولذلك نجد غالبا أن المدان في أي قضية تحرش هو الضحية، هذا الضحية غالبا هو الذي استفز مشاعر وجوارح وغرائز المتحرش الضعيف المغلوب على أمره.
وبدلا عن فرض قوانين ـ أعني أنظمة ـ تردع التحرش وتعاقب المتحرشين وتنكل بهم فإن الحل الأسهل هو التنكيل بالمجتمع ومنعه من حقوقه البدهية وعرقلة كثير من متطلباته مراعاة للمتحرشين.
هذا هو الواقع، حتى وإن اخترعنا له مسميات أخرى، وتفننا في اللف والدوران حول عنق الحقيقة حتى ينكسر. وبدلا عن أن يكون السفلة والمتحرشون هم الاستثناء غير الطبيعي في المجتمع والذي تسن من أجلهم القوانين الرادعة، أصبحوا هم القاعدة والمجتمع هو المستثنى المحبوس خلف باب سد الذرائع.
وعلى أي حال..
في كل مجتمعات العالم تسن القوانين وتلغى بناء على الحاجة أو ضغوطات «اللوبيات» المجتمعية أو السياسية، والحقيقة التي يجب أن نعترف بها جميعا ونتعايش معها هي أن «لوبي المتحرشين» هو الأقوى ومعارضته لفرض قانون التحرش كانت مؤثرة وفعالة ونجاحه في فرض تصوره للحياة وما يريده على المجتمع يستحق الإشادة والإعجاب.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/01/25