حياة مزورة وموت حقيقي!
عبدالله المزهر ..
تقول الأخبار إن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية كشفت عن 2050 شهادة مزورة لممارسين صحيين من بين 4 آلاف تقدموا للحصول على رخصة موقتة خلال العام الماضي، وقد أعجبتني هذه الأرقام لعدة أسباب، منها أن الأمر لا يحتاج إلى آلة حاسبة لمعرفة أن عدد المزورين أكثر من نصف عدد المتقدمين الإجمالي. وعلى الأرجح فإن نسبة لا بأس بها لم تكشف شهاداتهم المزورة إما لبراعتهم في التزوير أو لأي أسباب أخرى من المؤكد أني لا أعلمها.
ربما أخبرتكم سابقا أني صنفت نفسي ضمن أفشل خمسة طلاب في كوكب الأرض والكواكب المجاورة حاولوا دراسة الطب. فشلت في هذا الأمر فشلا ذريعا مريعا، وماتت أحلامي حينها وتغيرت حياتي واتجهت لمجال آخر، وكنت أظن أن الأمر قد انتهى. ولكن أخبار تزوير الشهادات التي أسمعها كل يوم أحيت حلمي الميت، والذي يقول بأن الطبيب لا بد أن يكون عارفا بالطب لا شك أنه يغالط نفسه ويريد أن يوقف عجلة الحياة.
والأخطاء الطبية لا تختلف عن أخطاء الحكام في مباريات كرة القدم، هي جزء من «اللعبة» ولا بد أن يتقبلها المرضى ـ أعني ورثتهم بشكل أدق ـ بصدر رحب وروح رياضية.
ثم إن الحياة والموت بيد الله سبحانه، ومن حسن إيمان المواطن المسلم أن يؤمن أنه لا أحد سيموت قبل أن تحين ساعته، وأن خطأ الطبيب مثل «وجع الحياة»، ليس سوى سبب من أسباب الموت الكثيرة.
والأمر لا يقتصر على الطب أيها السادة الساعون خلف أحلامهم الميتة، فالمهندسون المزورون القادمون من كل أصقاع الأرض تبدو آثار أصابعهم واضحة على كثير من المشاريع في هذا البلد المعطاء، تشاهد بصماتهم في الطرقات والجسور والمباني.
ثم أما بعد..
فيا أيها الحالمون بالشهادات، لا تسمحوا لأحلامكم بالموت لمجرد أنكم فاشلون، ابحثوا عن شهادة مزورة سدوا بها رمق حلمكم.
أما أنتم يا بقية الناس، فأين المفر، المزوِرون والمزوَرون ـ بفتح الواو وكسرها ـ يحاصرونكم في كل مكان وسيقتلونكم في المشافي والطرقات وسيفسدون عقولكم في المدارس والمنابر.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/01/30