(لا سهدك ولا بعدك يطفيها)
عبده خال ..
تداهمك علامات التعجب والاستفسار من موقف مجلس الشورى حيال القضايا التي تمس حياة الناس وتعكر صفوهم، إذ تكون مواقف المجلس متأخرة، وإذا استجاب لردود الشارع كانت الاستجابة متريثة.. ولنسجل هنا إشارة إضافية أن المجلس ليس مبادرا في تلمس الاحتياجات، ففي أغلب الأحيان يكون مقتفيا أثر الإعلام فبعد أن يكون الخير بتسليط الأضواء على مشكلة من المشاكل تأتي ردة فعل المجلس متأنية (والتأني هنا ليس خصلة من خصال الحكمة). ومن المواقف المتأخرة للمجلس ما صرح به أحد أعضائه بأنهم لم يتلقوا طلبا لدراسة أو مناقشة أو تعديل المادة 77 من نظام العمل والعمال، ومنشأ الاستغراب ما يحدث الآن من تعسف القطاع الخاص بالاستغناء عن موظفيه بحجج شتى متخلين عن دورهم الوطني بحجة انحدار عجلة الاقتصاد. أراد الكثير منهم القفز من المركب ولسان حال البعض لتغرق السفينة ما دمت أحافظ على ممتلكاتي، وهذا الموقف المتخاذل يستوجب على (وزارة العمل والتنمية الاجتماعية) أن تقف موقفا حازما من تقاعس القطاع الخاص وتعسفه في استخدام حق أريد به تحقيق أهداف خاصة، فعدم اتساق المعطيات الاقتصادية الراهنة مع الأهداف الربحية للمنشآت هي حجة إدانة تلزم وزارة العمل أن تقف مع الموظف لكون الآثار السلبية للانحدار الاقتصادي وضعا عاما ليس للموظف أدنى مسؤولية في إحداثه. وإذا رعى القطاع الخاص من خيرات البلد لعقود زمنية (يأخذ ولا يعطى) فليس من المعقول التجاوز عن تعسفه الآن.
وإذا وقفنا خلف التغير الأخير لمادة 77 بأنه جاء لتخفيف الأحمال على الهيئات العمالية، فالتعديل سوف يجعل المتظلمين يقفون طوابير مضاعفة للشكوى أمام الهيئات، أي أن التعديل سوف يكون مداعاة لزيادة الأحمال.
لأن تعديل مادة 77 مكن صاحب العمل من إنهاء عقد العامل (أو الموظف) بغير سبب مشروع مع إعطائه الحق (أيضا) في تقدير التعويض الذي يمنحه للعامل، وفي الغالب لن يقبل العامل بالتعويض المقدر لتعود المشكلة مرة أخرى إلى هيئات العمال وتكدس القضايا بدلا من حلها على النمط القديم وبالمعنى الشعبي (صبه رده).
والقضية ليست في التعويض، بل في إخراج الموظف من حياة مستقرة إلى الشارع هو وأسرته، وبهذا الإلقاء (غير المسؤول) فقد الكثيرون الأمان الوظيفي.. وبانعطافة هينة نتذكر أن رؤية 2030 تعتمد اعتمادا رئيسيا على القطاع الخاص في امتصاص البطالة فكيف سيكون الوضع والقطاع الخاص بدأ مبكرا بتسريح مئات الموظفين؟ وكيف يسير الوضع في ظل تملص القطاع الخاص من المسؤولية الوطنية؟
وبالعودة إلى مجلس الشورى نقول: إذا لم تصلكم مطالبة بمناقشة أي وضع اجتماعي فمن المفترض أن يتحسس المجلس احتياجات الناس وشكواهم قبل تعالي أنينهم.. أليس كذلك؟
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/01/31