واحد واحد!
عبدالله المزهر ..
وزارة العمل تخطو خطوة منتظرة ومشكورة في سبيل التصدي للأمثال البلهاء من عينة (الموت مع الجماعة رحمة، وحشر مع الناس عيد)، وهذا هو الشيء الوحيد الذي فهمته من تصدي وزارة العمل الموقرة للفصل الجماعي في الشركات من خلال القرار الوزاري الذي يحظر على المنشآت فصل العاملين السعوديين بشكل جماعي لأي سبب كان.
وقد فهمت ـ وفهمي كما تعلمون ـ أن الفصل «بالمفرق» أمر لا بأس به، أما الفصل الجماعي فيجب أن يكون وفق شروط يجب أن يستوفيها رب العمل قبل أن يتخذ مثل هذا القرار. وهي شروط ليست معقدة لا تتعدى بعض الأوراق والإجراءات السهلة التي يمكن بعدها ممارسة الفصل الجماعي دون هوادة ولا رحمة وبما يرضي الأنظمة والقوانين.
والشركات ـ أصلحنا الله وإياهم ـ يستعجلون في اتخاذ بعض الإجراءات دون مراعاة لطبائع البشر ولقوانين الحياة وأعرافها، فالإنسان بطبعه تفزعه الأشياء الجماعية، ويتقبلها حين تأتي مفرقة. وموت ألف إنسان في حادثة واحدة يجعل الأمر مفجعا وكارثيا ومؤثرا، لكن موت مليون إنسان بشكل مفرق وبحوادث متعددة وعلى مدى زمني ملائم يجعل الأمر متقبلا ومنطقيا ولا يثير خوف ولا ريبة أحد.
ومن باب الاستطراد لشرح المراد أقول، لو أن الشعب السوري ـ على سبيل المثال لا الحصرـ كان يسكن في مبنى واحد ـ أو برجين طويلين ـ ثم انهار هذا المبنى وقتل 500 ألف من سكانه لكان أبشع حادث في تاريخ البشرية، لكن قتلهم بالمفرق وعلى مدى سنوات يجعل الأمر في نظر بقية البشر خاليا من البشاعة وفي السياق الطبيعي للحياة.
وعودة على الهولوكوست الذي تقوم به الشركات على السعوديين، وبعيدا عما سواه من مصائب، فإن وزارة العمل أحسنت صنعا، في تنبيهها على الشركات أن تقوم بعملها دون ضجيج ودون لفت للأنظار.
وعلى أي حال..
التفاؤل أمر لا بأس به، ويمكن ممارسته بشكل جماعي. ولكن ربما يجب على المؤسسات الحكومية أن تفعل ما يساعد الناس على التفاؤل على أقل تقدير، وألا تتحول وزارة مثل وزارة العمل إلى وزارة لتنظيم فصل السعوديين وإصدار التأشيرات لاستقدام غيرهم.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/01/31