تسريح السعوديين ومسؤولية القطاع الخاص الوطنية (2)
محمد الوعيل ..
سيكون مفاجئاً إذا علمنا أنه وفق محللين اقتصاديين، فإن أعداد السعوديين الباحثين عن فرصة وظيفية في سوق العمل، قد تتجاوز المليون ونصف المليون مواطن، ويتوقع أن تصل إلى أربعة ملايين خلال السنوات العشر المقبلة، الأمر الذي يعني ضرورة توفير قرابة 22 ألف وظيفة شهرياً.
هذه المعلومة وحدها، كافية لأن تتحرك كل مؤسساتنا الحكومية والأهلية، لإيجاد خطة بديلة وحقيقية لامتصاص هذا الفائض الذي يحتاج فرصة إضافية، وبالتأكيد لو افترضنا أن سياسة التسريح التي تمت مؤخراً قد تكون نموذجاً لإحلال غيرهم، فقد يكون ذلك في سياق العرض والطلب. ولكن أن يتم هذا الاستغناء وفي هذا التوقيت، فهذه مشكلة غير متوقعة.
المعلومة الأخطر، كانت من خلال تقارير مؤسسة النقد السعودية، التي ذكرت في إحدى إحصائياتها أن 93% من الموظفين السعوديين مدينون للبنوك، وبلغت نسبة القروض الاستهلاكية مع نهاية 2016 نحو 102 مليار دولار، وفي ظل ارتفاع وتيرة تسريح الموظفين فإن مستوى الديون المعدومة ـ وصلت في العام الماضي إلى نحو 1.7 مليار دولار ـ يكون مرشحاً للارتفاع بنسب قياسية، بالتوازي مع عجز كثيرين منهم عن التسديد، وهذه مشكلة أخرى ستؤثر سلباً على المجتمع بزيادة معدل البطالة، الذي كان قد وصل في النصف الثاني من 2015 إلى 11.5% أي 647 ألف شخص من بين 5.6 ملايين هم إجمالي قوة العمل السعودية، حسب نتائج دراسة مسحية أجرتها الهيئة العامة للإحصاء.
صحيح أن وزارة العمل ـ على لسان عبدالله العليان مدير فرعها بمنطقة مكة المكرمة ـ قد وصفت قرارات شركات القطاع الخاص بفصل الموظفين بـ "الإجراءات المخالفة" وأنه "لا يحق لأي شركة فصل الموظف بداعي ما تسميه الأزمة الاقتصادية، فهذه مبررات واهية".. ولكن ما سلطة الوزارة الحقيقية ـ غير الكلام ـ لتصحيح هذه الممارسات؟
دعوني أتحدث بصراحة، وأقول إنه لا يمكن أبداً، وتحت أي ذريعة، قبول ما قامت به بعض مؤسسات القطاع الخاص من تسريح موظفيها السعوديين بالذات، وأجدني متفقاً كثيراً مع ما طرحه زملاء إعلاميون، من أن هذه المؤسسات جنت على مدار سنوات طويلة، أرباحًا كبيرة، ساهمت في إثراء أصحابها، ومن غير المنطقي أو الأخلاقي، إقناعنا فجأة بأن الظروف الاقتصادية وتوقُّف المشروعات الحكومية وضعف الإنفاق، تحتم التخلي عن بعض الوظائف خاصة إذا استمر الأجانب في شغل نفس الوظائف التي يشغلها نظراؤهم السعوديون!
أخيراً.. أثق في وطنية قطاعاتنا ومؤسساتنا الأهلية، وأتمنى منه كما تعودنا دائماً، أن يقف إلى جوار الوطن في هذه اللحظة المفصلية، وأن يكون هذه القطاع برجاله وأفكاره قادراً على استيعاب أبنائنا وبناتنا، وتأكيد أن خير هذا الوطن، لا بد أن يكون أولاً لمصلحة أبنائه قبل أي اعتبار.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/02/01