خدعة الأمان الوظيفي
إبراهيم محمد باداود ..
تأثر بعض المواطنين إثر إلغاء وإيقاف بعض البدلات والعلاوات في الوظائف الحكومية نهاية العام الماضي، إذ انقطع عنهم جزء من السيولة التي كانت تساهم في كثير من الأحيان في تغطية مصروفات معينة أو سداد بعض الفواتير الشهرية أو بعض الأقساط أو حتى القيام بالادخار، وهذا الأمر ساهم في جعل الشباب الذين يعملون في الوظائف الحكومية والتي كانوا يُفضّلونها بشكلٍ قطعي عن وظائف القطاع الخاص؛ يشعرون بأن دخل الوظيفة الحكومية لم يعد ثابتا، بل من الجائز أن يتغيَّر في وقتٍ ما تبعًا للظروف الاقتصادية التي يمكن أن نتعرض لها.
هذا التأثُّر الذي حصل في دخل هؤلاء الموظفين يدل على أن مقولة (الأمان الوظيفي) التي ارتبطت بالوظيفة الحكومية وأصبحت شعارًا لها لم تعد موجودة، فالدخل المضمون والثابت والذي كان يأتي لبعض العاملين في تلك الوظائف دون جهدٍ أو تعب لم يعد كما كان، فالظروف الاقتصادية ألقت بظلالها على الجميع، وأصبحت تلعب دورًا كبيرًا في تحديد نسبة هذا الأمان، سواء كانت تلك الظروف تمر بالوظيفة في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، كما أن الأنظمة والقوانين لم تعد تقف هي الأخرى حائلًا أمام تلك الجهات لو أرادت أن تستغني عن الموظف، خصوصًا وإن كان أداؤه سيئًا وإنتاجيته ضعيفة، إذ إن تلك الجهات يمكنها رصد وتوثيق وحصر جميع الممارسات السلبية للموظف لإعداد ما يكفل من تقارير، لتقوم في نهاية المطاف بإنهاء خدماته وفق الأنظمة الموجودة.
على مَن يعمل، وخصوصًا في هذه الظروف والأوضاع الاقتصادية أن لا يُخدع بمقولة (الأمان الوظيفي) السابقة، فلا يوجد أمان وظيفي في مثل هذه الظروف، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، فالكل يبحث اليوم عن الكفاءة والإنتاجية، والجد والاجتهاد، والانضباط وتحقيق الأهداف الموضوعة، ومن لا ينجز فلا يتوقع أن يتم التمسك به أو غض الطرف عنه، كما كان يحدث في السابق، بل سيتم على الفور البحث عن بديل له لأداء دوره بشكلٍ أفضل، أوعلى أقل تقدير الاستغناء عن خدماته لتوفير تكلفة أجوره الشهرية.
طبيعة العمل اختلفت اليوم في جميع القطاعات، وأسباب إنهاء الخدمات في بعض الجهات هي نفسها الأسباب التي تؤدي إلى توفير فرص العمل في الجهات نفسها، إذ أن دخول وخروج الموظفين للمنشآت يساهم في تشجيع توفير فرص العمل للشباب المتميز، كما يساهم في رفع كفاءة العمل في المنشآت وزيادة الإنتاجية، فيلغى مُسمَّى (الأمان الوظيفي)، ويرتبط البقاء في نهاية المطاف للأفضل، سواء كان في القطاع الحكومي أو الخاص.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/02/11