آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سعيد محمد
عن الكاتب :
كاتب في الوسط البحرينية

أبو المليارات... وينك؟


سعيد محمد ..

يتغنى واحد من الـ (سوبر مليونيرية) في الخليج في مقالات يكتبها في الصحافة الخليجية والعربية بين الحين والآخر، عن معاني الولاء والانتماء للأوطان والعمل من أجل رفعة شعوبها وتحسين مستوى المعيشة فيها، ويظهر في تلك المقالات وكأنه رمز من رموز العطاء للأوطان، على رغم أنه لا يسهم ولو بالحد الأدنى المطلوب منه تجاه وطنه ولاسيما في شأن تقديم الدعم وتنفيذ المشروعات الإسكانية والاجتماعية وأخرى من قبيل تطوير البنية التحتية في البلد.

بالطبع، هناك أثرياء في دول الخليج والعالم العربي، لهم إسهامات لا يمكن تجاهلها أو إغفالها، ومن بينهم عوائل تجارية خليجية تنتشر مشروعاتها النافعة للمواطن والمقيم في مختلف المواقع، إلا أن الأوضاع الاقتصادية السيئة في المراحل التي تتعثر فيها مشاريع حيوية، تعرضهم هم أيضاً لتحديات ثقيلة، وحتى لو انخفضت إسهاماتهم، فإن في سيرتهم ما يشفع لهم، فماذا عن أولئك أصحاب المليارات الذين يجنون أرباحاً ثقيلة هي الأخرى، ولا تجد لهم ولا فلساً واحداً يسند البلد وأهل البلد في الأوضاع الصعبة؟ أليست الأوضاع التي تمر بها الدول الخليجية والعربية تستلزم أن يساهم الهوامير الكبار ببضع ملايين مما أفاض الله بها عليهم من أجل تنفيذ المشاريع التي توفر فرص العمل وتدعم الدولة في تقديم خدمات أساسية لطالبيها؟ وهل نكحل أعيننا بكلام بعضهم عن المسئولية الوطنية وخدمة الوطن والمواطن عبر مقال هنا أو تصريح في صحيفة هناك أو لقاء في إحدى الفضائيات وكفى؟

السؤال: «ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه أصحاب المليارات من أثرياء الخليج في مساندة مواطنيهم والظروف المعيشية تزداد ضراوة وصعوبة؟»... لنذهب إلى بعض التقارير العالمية والمجلات المتخصصة مثل مجلة (فوربس) ولنرى بعض الأرقام: فهناك في دول الخليج ما يزيد على 8 آلاف ثري من أصحاب الملايين ممن تصل أصول ثرواتهم إلى 30 مليون دولار فأكثر، وعلى مستوى الوطن العربي، هناك قرابة 49 ملياردير يصل مجموع ثرواتهم إلى 172 مليار دولار (حسب بيانات العام 2016)... خير وبركة... عافية على قلوبهم... الله يزيد ويبارك، لكن إلى أي حد يساهم أولئك (لكبارية) بشكل واضح وفاعل في دعم بلدانهم وشعوبهم؟ وكيف يمكنهم المساهمة في تنويع مصادر الدخل القومي وعدم الرضوخ للاقتصاد الريعي (الخانق) المعتمد على النفط فقط كمصدر للدخل؟

لاشك في أن العديد من الأُثرياء الشرفاء في كل دول الخليج العربي لم يقصروا طوال عقود من الزمن في تنفيذ المشروعات الكبيرة ذات الفائدة للاقتصاد الوطني وللشعوب، لكن مع شديد الأسف، لا يمكن الحصول على معلومات توضح مدى مساهمة قائمة كبيرة من الأثرياء ودورهم في رفد الاقتصاد، فلسنا في حاجة إلى من (يتشدق) في وسائل الإعلام بحب الأوطان في حين (يعز) عليه أن (يخرخش مخباه)، ويرد الجميل للوطن من خلال الإسهام في تغطية النفقات والمديونية على الأقل من أجل ألا يتضاعف الثقل على المواطن البسيط الذي تحرقه نيران ارتفاع الأسعار ورفع الدعم وضعف الأجور!

خلال عقد الثمانينيات والتسعينيات، تنوعت استثمارات أثرياء الخليج حتى وجدوا في الاستثمار خارج بلدانهم فرصةً ذهبية لتحقيق أرباح مذهلة، ولاسيما في قطاعات العقار وأسواق المال والفنادق والسياحة والمجمعات التجارية بل وحتى في أندية كرة القدم العالمية، وكان البعض يشكو من التضييق الذي يلحقه من جانب بعض الحكومات التي تعمل على (تطفيش وتعجيز) المستثمر الخليجي والعربي، وهذا ما لا يمكن إنكاره فبعض الحكومات أخطأت في التضييق على المستثمر وبعضها مستمر إلى اليوم، ما يدعو الحكومات الخليجية إلى فتح فرص الاستثمار أمامهم في الصناعات النفطية وسائر قطاعات الإنتاج الصناعي الحيوية، على اعتبار أن شراكة الأثرياء الاقتصادية وبدعم حقيقي، ستسهم في توفير آلاف فرص العمل لأبناء الخليج وعدم اقتصار حلمهم على العمل في القطاع الحكومي وحسب.

بالتأكيد، كلكم فيكم الخير يا جماعة الملايين، لكن نريد تقارير وبيانات وتغطيات إعلامية تتحدث عن مشاريع كبرى حقيقية جارٍ العمل على تنفيذها على طول الخليج العربي وعرضه وفي مختلف الدول العربية... ربما ليست لديكم ثقة في الحكومات، وهذا من حقكم، ولربما لم تحصلوا من دولكم على التسهيلات والامتيازات التي ضاعفت أرباحكم فتوجهتم للأسواق العالمية... وهذا لكم أيضاً، لكن في هذه الحقبة الصعبة جدّاً والتي لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى جراء التدهور الاقتصادي ومحدودية فرص تنويع مصادر الدخل، يصبح دوركم في غاية الأهمية... حسناً، لا تعطوا الحكومات أموالاً لا تثقون في مسار ذهابها... إذ يمكنكم أن تقدموا لنا تصوراً مبتكراً للاستثمار في القطاع الصناعي والاستثماري واستقطاب العمالة الوطنية ومنح الشباب فرص تأسيس مشاريعهم الإنتاجية الخاصة... مستقبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دول الخليج تحديداً، وفي قطاعات الإنتاج الصناعي والحرفي، هو المنظور الأكيد لدعم اقتصاديات دول الخليج... فلا تبخلوا رحم الله والديكم.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/02/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد