دمج المشيتين!
عبدالله المزهر ..
أغلب أصدقائي معلمون، وأظن أن أغلب أصدقاء الناس كلهم كذلك. ولا أعلم كم يبلغ عدد المعلمين والمعلمات في السعودية، لكني أعتقد أنهم الأكثر عددا بين بقية المهن والوظائف. ولذلك يبدو الحديث عنهم محفوفا بالمخاطر وقد يكون مزعجا لمن لا يحبون الإزعاج كثيرا.
والحقيقة أن حديث وزير التعليم عن المعلمين واعتمادهم على التلقين قد أعجبني ونال جزءا لا بأس به من استحساني، لكن إعجابي وحده لا يكفي للدفاع عن تهافت الفكرة التي حملها حديث معاليه.
فالوزارة نفسها تتعامل مع المعلمين بالتلقين، وتعاميمها التي يكاد يقترب عدد صفحاتها من عدد صفحات مناهجها التعليمية ربما تكون دليلا على ذلك.
ويبدو صعبا بعض الشيء تقبل فكرة أن تطالب الوازرة المعلم بالابتعاد عن التلقين، وبناء شخصية طالب تعتمد على التفكير والاستنباط والتحليل، بينما الوزارة لا تسمع للمعلم ولا تأخذ رأيه ولا تستشيره وقد تعاقبه في حال فكر في «التفكير».
وتحميل المعلم مسؤولية ضعف المخرجات ومشاكل التعليم هو الحل السهل بالطبع، ليس لدينا فقط بل في كل العالم، وكل الدول التي تعاني من مشاكل في التعليم تلجأ غالبا إلى تحميل المعلم هذه المسؤولية وهذه بوادر الفشل في حل المشكلة. وكل الذين فعلوا ذلك ما زالوا يعانون.
المعلم جزء من الحل وليس المشكلة، والحل يعتمد على أطراف كثيرة تبدأ من الأعلى نزولا إلى بوابة المدرسة والسائق الذي ينتظر خارج أسوارها.
ووجود جمعيات أو نقابات ـ أو أي اسم آخر ـ للمعلمين أمر مهم، لتنظيم مطالبتهم ولمشاركتهم في صنع السياسات التعليمية، وحتى يتم تحميلهم مسؤولية الفشل على بينة.
أما الحصول على «تخفيضات» لدى شركات التأمين فهو أمر جيد لكنه أمر يستطيع عمله أي موظف علاقات عامة ولا يحتاج تصويره على أنه إنجاز عظيم.
وعلى أي حال..
يبدو كلامي مقنعا ـ لي على الأقل ـ لدرجة أني أصلح لأكون وزيرا للتعليم، لكن التجارب أثبتت أن كل الذين تكلموا عن التعليم كلاما جميلا لم يستطيعوا تطبيقه عندما أتيحت لهم الفرصة. ويبدو أيضا أن دمج الوزارتين جعلها تضيع «المشيتين»!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/03/02