ماتت في عزّ الشباب !
طلال القشقري ..
وُلِدَ مُصطلح (السعودة) عام ١٩٧٥م، بهدف أن يكون وسيلة لإحلال المواطنين مكان الوافدين في القطاع الخاص!.
آنذاك، كانت نسبة المواطنين إلى الوافدين في القطاع هي ١ إلى ٣، ولم نكن راضين عنها بل ساخطين عليها، وولّدْنا السعودة بعملية قيصرية كُبرى، وكُنّا فرحين بها كما يفرح الأب عند ولادة ابنه بعد عُقْمٍ طويل!.
أمّا الآن وبعد مرور ٤١ عاماً على ولادتها، أي أكثر من ٨ خطط خمسية أو ٤ خطط عشْرية، فإنّني أجزم أنّ الرقم ١ في النسبة والخاص بالمواطنين ما زال على حاله، وربّما نقص عن ذلك، بينما تضاعف الرقم ٣ للوافدين، ربّما صار ٦، أو ٩، أو ١٢، ليس لديّ إحصائية دقيقة لكنّ الواقع الملموس هو أصدق إنباءً من كافّة الإحصائيات!.
وهذا أكبر دليل على فشل السعودة، وبالتالي موتها، وهي ما زالت في الأربعين من عمرها، وقد ماتت في عزّ شبابها، وكانت تُمنِّي نفسها أن تعمل شيئاً صالحاً تُخلِّد به ذكراها، وتخدم به وطنها، لكن لم يحصل ذلك، فماتت المسكينة، هل من القهر لاتهامها بالعنصرية؟ يجوز، هل من الحزن لأنها لم تُفِدْ السعوديين؟ يجوز، المهم أنها ماتت ولم يُعلن عن موتها، ولم تُعمل لها جنازة تليق بها لدفنها في قبرها، وما زالت الجهات المعنية تزعم أنها حية تُرزق، وأنّها في أتمّ عافيتها، بينما الحال الذي لا يمكن إخفاؤه هو بطالة موجودة لآلاف مؤلّفة من السعوديين بملفّاتهم العلّاقي الخضراء، يجوبون الجهات السعودية بحثاً عن وظيفة، والذين يقولون لهم في هذه الجهات (لا توجد وظائف شاغرة) هم الوافدون، وكلّما توظّف وافد في بقعة سعودية فاعلم أنّه تعطّل مواطن في هذه البقعة، فعظّم الله أجرنا في السعودة، ورزقنا والعاطلين الصبر والسلوان!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/04