عزيزي المواطن..«مش بوزك» (2)
سعيد محمد ..
هل من المعقول أن (توصي قيادة البلاد) بالإنسان (البحريني) كثروة حقيقية للبلد، ثم نجد هذه (الثروة) - في نظر بعض المتنفذين والمسئولين - وكأنها مجرد (هرطقة) أو أنها لا تعدو كونها (تعبيراً مجازياً عابراً) لا يستقيم على أرض الواقع؟ ولماذا يقع أولاد البلد، شباب وشابات، ممن بذلوا أقصى جهد وصرفوا المبالغ الطائلة وتغربوا وكدحوا واجتهدوا من أجل نيل الشهادات الأكاديمية العليا، لماذا يقعون تحت (مطرقة اليأس) و (سندان الإحباط) بسبب الصفعات المتتالية التي يواجهونها وكأنهم وجدوا في شهاداتهم تطابق مع العبارة الشهيرة (فوحها واشرب مايها)؟
من الذي ينصف ويقف ويساند ويفتح الطريق أمام هؤلاء المواطنين؟ من الذي يملك الشجاعة - من المسئولين لاسيما في قطاع التوظيف - ليقف ويقول: «لن أجمد أوراق هذا الشاب أو لن أقفل الدرج على أوراق هذه الشابة، ولن أتهاون مع من يستصغر طلبات مواطن أو مواطنة من حملة الشهادات العليا؟ أو... لن أسمح بأن يكون هناك (موانع طائفية أو قبلية أو كيدية أو انتقامية) تمنع من توظيف أبناء البلد من حملة الشهادات العليا؟»
محزن للغاية أن نعيش مثل هذه الجراحات العميقة المدمرة! أي، تلك العذابات التي يعيشها أبناء البلد من حملة الماجستير والدكتوراه من الذين يقضون يومهم وسط طاحونة البطالة وأخواتها! والقصد من أخوات (طاحونة البطالة) تلك التي تجعلهم في دوام مع: الاتصالات مع الجهات التي رفعوا لها طلبات التوظيف للمراجعة - الجري من إدارة إلى أخرى لإنهاء بعض متطلبات التقديم والتي عادة ما تتطلب يوماً أو يومين فـ (تنقع) أسبوعاً أو أسبوعين وربما شهراً بسبب ترهل بعض الإدارات - صورة ثالثة هي المعاناة التي يعيشونها بسبب تأخر مطابقة أو تصديق شهاداتهم، والأصعب من ذلك كله، أن يستمعوا لكيل من المديح والإطراء عن (إصرارهم على النجاح وتميزهم وأنهم يرفعون علم البحرين الغالية عالياً بتحقيقهم هذه الشهادات التخصصية، وأن أمورهم (طيبة)، وموعد التوظيف قريب!)، ثم يذهب هذا الكلام كله أدراج الرياح، ولا يجدون أمامهم إلا المحاولة تلو المحاولة لمنع سقوط أنفسهم في وحل الإحباط والإنهيار النفسي... أليس ذلك وارداً يا جماعة الخير؟ هل هناك من المسئولين من ينكر حالة العذاب والمعاناة التي يعيشها الكثير من الخريجين من حملة الشهادات العليا بلا عمل، أو يعملون في وظائف أدنى من شهاداتهم؟ وهل (غيرهم) أحسن منهم؟
سأطرح استدراكاً هنا، ومن باب خبرة، حين يعترض بعض المسئولين (ودائماً نقول بعض)، ويرفضون ما نطرحه في الصحافة من قضايا، ويلحقونها بعبارة (على المحرر التدقيق بأمانة فيما يكتب) وهي واحدة من العبارات (السخيفة جدًا حين تُكتب في غير موضعها الصحيح)، أقول حين يدعي بعض المسئولين أن هذه القضية أو تلك الشكوى أو هذا الموضوع (عار عن الصحة)، فإنهم في الغالب لا يصمدون أمام الأدلة والحقائق التي نقدمها، وبدلاً من أن يعتذروا بشجاعة عن الخطأ الذي ارتكبوه، تراهم يصدون ويكابرون (ولا يهمهم)، لأنهم يدركون أنه ليس هناك جهة (رقابية)، ستنال منهم بسبب خيانتهم للأمانة الوطنية التي حملتهم إياها (قيادة البلاد)، ووثق فيهم الوطن وأهله... لكن بعضهم للأسف... (خرطي).
لا بأس، سأقدم مثالاً واحداً: ماذا تقولون أيها المسئولون الأعزاء المحترمون، في مواطنة (بحرينية أباً عن جد)، كافحت وثابرت واجتهدت وسافرت وتركت بيتها وعيالها من أجل أن تواصل دراستها وتحقق حلمها في نيل شهادة الدكتوراه لتخدم وطنها، ثم تعود لتجري جري (المتحمس) بحثًا عن (وظيفة)... شهر... شهرين... ثلاثة... سنة... أكثر من ذلك! مع أن إحدى الجامعات نشرت إعلاناً لتوظيف أستاذاً مساعداً في إحدى البلدان العربية في (ذات تخصص الموطنة البحرينية) التي تحتضن شهادتها وتقبع في إحدى القرى تنتظر الفرج قبل أن تستسلم لمقولة (شهادتك فوحها واشرب مايها)... وأعتقد، أن بإمكان المسئولين الأعزاء أن يوصون أبناء البلد من الخريجيين بشهادات عليا (وما يمونون عليهم وليسوا من جلدتهم)، أن يرشدونهم لأفضل طريقة لفوح الشهادة وشرب مائها، وكيف (يمشون بوزهم)، بعد أن يشربون الماء المفيوح... مال الشهادة.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/03/05