الاحتكار في «الموازي» مخالف للفِطرَة السليمة لأسواق المال
خالد بن عبدالعزيز العتيبي ..
الصورة لم تكتمل للحكم على نجاح السوق الموازي بدون إشراك المستثمرين الأفراد دون شرط أو قيد، فالنجاح لا يُصنع من تسويق أو ترويج أو صخب إعلامي، وإنما يأتي بحسن التخطيط وإجادة التنبؤات وزرع الثقة في نفوس المتعاملين وإزالة العراقيل التي تضعف من حيوية الموازي.
من تابع السوق الموازي في أسبوعه الأول سيلاحظ ضعفاً في حركته، وتذبذب عال في مستوى أسعار أسهم شركاته، وليس ذلك بسبب قلة أسهمه، وإنما نظير القراءة التي غالباً ما تكون متقاربة بين المستويات المؤهلة المشاركة في السوق، وأيضاً تشابه استراتيجياتها، وهذا ما أكثر من أساليب المباغتة في البيع والشراء، وأوجد التقلب الحاد لأسهمه.
ما زلت أرى أن أسباب منع الأفراد عن الاستثمار المباشر في السوق الموازي للسوق المالية الرئيسية لم تكن موضوعية تماماً، وطالما أن السبب في المنع هو أنها عالية المخاطر فلماذا يتم المجازفة برفع نسبة التذبذب إلى 20%، وهو أمر يناقض تلك النظرة، فمن يهتم بالأسواق المالية على مستوى العالم بتعدد مستوياتها سيصف مثل ذلك المنع بالأمر المبتكر الذي يصل إلى درجة الاحتكار، مما يُغَيِب العدالة في السعي لطلب الرزق وتنمية المدخرات، وليس ذلك فقط، بل يتجاوز الأعراف ويتعدى على الفطرة السليمة للأسواق المالية وطبيعتها وتركيب نسيجها من المستثمرين، وهو النسيج الذي يحتضن كافة المستويات بتباين خبراتهم.
لم أخف خشيتي حين ذكرت سابقا أنه سينشأ عن فرض القيود على استثمار الأفراد المباشر مصاعب قد تكون مُخِيفَة من حيث عدم قدرة السوق الموازية على تحقيق ما هو مطلوب منها من نجاح، وذكرت على وجه التحديد "إن فرض القيود على المستثمرين المواطنين الأفراد في السوق الموازية لا يواكب الممارسات العالمية، فالاعتراض على أن مخاطر الاستثمار في السوق الموازية سوف تكون عالية عليهم ليس مقنعاً، وذلك لأن قناة الاستثمار في الأسهم بمجمل أسواقها الرئيسية والموازية لها مخاطرها العالية وليس ذلك فحسب، وإنما الضخمة جداً، ودائماً ما يتحمل صاحب القرار الاستثماري سواء كان فرداً أو مستثمرين مؤهلين بمختلف تصنيفاتهم المسؤولية الكاملة عن قراراتهم.
من الأفضل انتهاج سياسة حكيمة في التعامل مع الأفراد كقوة استثمارية جاذبة لا كقوة نابذة، وذلك باحتضانهم في الاستثمار المباشر في السوق الموازية وعدم المساس في حريتهم الاستثمارية وترك خيار المشاركة متاحا لهم متى ما أرادوه دون قيود.
وإن تم السماح بذلك فإن على الأفراد اليقظة وعدم الاندفاع وراء أسهم أي شركة لا يتناسب سعرها ويقارنها بأداء شركات السوق الرئيسي ذات النشاط المماثل، وأيضاً الالتزام بمؤشرات الاستثمار ومنها معيار السعر للعائد ومعيار تقييم سعر السهم مقارنة بالمبيعات ومعيار النمو المستقبلي وهي معايير ستخرج بأنسب تقييم سعري عادل يستطيع أن يفرق بين شراء أسهم الشركة التي تعتبر إضافة للاقتصاد وبين الشركة الهشة.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/03/06