الحرمان من الجنسية بين البحريني والبحرينية
قاسم حسين ..
في الطريق لحضور الحلقة النقاشية عن «تداعيات الحرمان من الجنسية على الأسرة البحرينية»، التي نظّمها مكتب قضايا المرأة بجمعية «وعد»، كنت أسأل نفسي: هل ستتعرض سيارات الضيوف إلى عمليات تكسيرٍ كما حدث في الندوة التي سبقت ذلك بأسبوع واحد؟
الحلقة التي نُظّمت مساء الأربعاء الماضي (8 مارس/ آذار)، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حضرها عددٌ كبيرٌ من المتابعين والمتضررين من إسقاط الجنسيات، وكانت الأكثرية من النساء. فالمرأة كما قالت الزميلة رملة حميد بحق، تتحمل في مجتمعنا أعباء رعاية الأسرة وتوفير الأمن الاجتماعي لها، أماً أو أختاً وزوجةً، وبالتالي تتحمّل الجزء الأكبر من تبعات الحرمان من الجنسية.
في مقدّمة الحلقة تحدّثت المحامية شهزلان خميس، عن تاريخ المرأة البحرينية، حيث تخرجت 37 بحرينية من الجامعات في الخارج منذ منتصف القرن الماضي (العشرين)، وحازت على رخصة السياقة منذ الخمسينات، ودخلت معمعة العمل الاجتماعي، وشاركت إلى جانب الرجل في حركة النضال الوطني. ومقابل هذه الحقائق الناصعة، مازالت البحرينية لا تتمتع بالحقوق التي كفلها لها الدستور، فهناك ما يقارب 2000 من أبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني (محاميات أخريات أكدن أن الرقم يصل إلى 5000 آلاف)، لا تستطيع منحهم الجنسية التي باتت توزّع على البعيدين والأغراب من أبناء الدول الأخرى.
وأشارت خميس إلى مفارقة غريبة واجهتها لدى لقائها بعددٍ من النواب، حيث اكتشفت أنهم كانوا يتصوّرون بأنه سوف يتم نسبة الأولاد إلى الأم ويحملون اسمها عند منحهم الجنسية وليس أسماء آبائهم! وأشارت إلى مفارقة أخرى، حيث تُعطى الجنسية للمولود مجهول الأبوين، غير شرعي بالمفهوم العام، ولا تُعطى لابن البحرينية من زوج غير بحريني متولد من زواج شرعي. وقالت إن القوانين المختلفة يجب أن تتوافق مع روح وجوهر الدستور الذي يعتبر «أب القوانين»، والذي يؤكد على مبدأ المساواة بين الجنسين.
المتحدث الثاني في الندوة كان المحامي محمد أحمد، الذي تحدّث عن إسقاط الجنسية، مستهلاً طرحه بالحديث عن مبادئ القانون الدولي وضرورة توافق القانون البحريني مع المعايير الدولية، بعدما تجاوز عدد من أسقطت جنسياتهم الـ300 مواطن، وما يحمله ذلك من آثار اجتماعية ومعيشية، منطلقاً من وقائع ميدانية، حيث تولّى الدفاع عن عددٍ من هؤلاء المواطنين أمام القضاء.
المحامي محمد أحمد أشار إلى أن المجموعة الدولية توافقت على مجموعة من الأحكام التي دخلت حيز التنفيذ في 1961، للتصدّي لحالات إسقاط الجنسية أو الحرمان منها، وعادةً ما تتصل بأوامر إدارية أو أحكام قضائية. وأكثر ما يتصل بالحالة البحرينية خلال السنوات الخمس الماضية (المادة 8) التي تشير إلى امتناع الدول عن تجريد أي شخص من جنسيته إذا كان يؤدي إلى جعله عديم الجنسية، وقال: «الأخوة الذين أترافع عنهم مواطنون أصبحوا عديمي الجنسية، وهو مختلف عن الأجنبي الذي يتمتع بجنسية دولة أخرى».
وأشار أحمد إلى أنه يمكن تجريد الجنسية في حالات خارج الحالة البحرينية، حيث توضع قيود مشددة على ذلك دولياً. واستند إلى تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، يشير فيه إلى أن الدولة يجب أن تتصرف في إطار يحقق هدفاً مشروعاً وليس كطرفٍ يريد إلحاق الأذى بالمواطن؛ وأن يكون ذلك في أضيق الحدود؛ كما أن القانون الدولي يفرض تقييداً صارماً على التدابير التي تفضي إلى الحرمان من الجنسية.
ويؤكد المحامي على أن الدستور ينصّ على ألا تسقط الجنسية إلا في حالة الخيانة العظمى، وبالتالي فإن إسقاط الجنسية يفترض أنه «إجراءٌ خطيرٌ لمواجهة فعلٍ خطيرٍ آخر».
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/03/13