نهر جدّة.. غير!!
طلال القشقري ..
نشرت جريدة الاقتصادية مؤخرًا خبرًا عن دراسة نقل محطّة تحلية مياه البحر في جدّة من مكانها المعهود على الكورنيش إلى خارجها، وتحويل ملكية أرضها لصندوق الاستثمارات العامّة، لاستثمارها في أمور أخرى غير مجال التحلية.!
ويبدو هذا برّاقًا من الناحية الاستثمارية، لكن المحطّة ليست منشأة صناعية مثل مصانع الأسمنت والحديد وغيرها من المصانع الثقيلة التي ينبغي عدم منحها موضع قدم داخل المدن، وهي المصدر الوحيد الذي يُغذّي جدّة بالمياه، ومن غير الإنصاف معاملتها وكأنّها مصنع.. مجرّد مصنع، وحتى لو كانت مصنعًا فهي مصنعٌ.. غير، وهي في الواقع نهر يجري تحت الأرض، فهل رأيتم من ينقل نهره لاستثمار أرضه؟!.
وإن كان تلويث المحطّة للبيئة هو أحد أسباب دراسة نقلها فالتلويث قد تقلّص كثيرًا بعد معالجة المؤسّسة العامّة لتحلية المياه المالحة لما ينبعث من مداخنها، وإن كان الهدف هو استثمار أرضها لقُربها من البحر فهناك الكثير من الأراضي الخاصّة غيرها ممّا يمكن الاستثمار فيها، والمحطة أصلًا قد ضخّت فيها الدولة عشرات المليارات من الريالات طيلة عقود، وهي تعتبر جاهزة البُنية الأساسية عند الرغبة في التجديد والتوسيع والإضافة، وهي مرتبطة مع شبكات المياه العامّة والخزّانات في جدّة، ووضْعُنا مع المياه معروف، فنحن من الدول شحيحة الأمطار، ولو أبقينا المحطة وبنينا غيرها خارج جدّة لتكون رديفًا لها لكان أفضل من نقلها وربطها مرّة أخرى، وأن نضع بيْضنا في سلال عديدة أفضل من وضعه في سلّة واحدة، وهناك الكثير من الأفكار الاستثمارية الأكبر عائدًا ماليًا من استثمار أرض المحطّة، مثل توطين صناعة تحلية المياه، ومجهودنا فيه متواضع!.
أتمنّى بقاء نهر جدّة داخلها، بل ومدِّه بأنهار أخرى تهبُنا إكسير الحياة!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/18