ما يقوله المواطنون عن خدمات ديوان الخدمة المدنية
قاسم حسين ..
من المهم أن يطّلع المسئولون في الدوائر الحكومية التي تتعامل مع الجمهور، على آراء الناس، وعدم الاكتفاء بطريقة من يتكلّم مع نفسه في غرفة مغلقة.
مناسبة هذا الكلام الرد التقليدي الذي نشره ديوان الخدمة المدنية للردّ على النواب وإسكاتهم عن المطالبة بتوظيف الخريجين البحرينيين العاطلين بدل الاستمرار في استقدام المزيد من الأجانب. وهو خيارٌ لابد منه وليس ترفاً أو موضوعاً للسجالات معنا في الصحافة أو المماحكات في مجلس النواب. فالظرف الاقتصادي الضاغط الذي دعا الحكومة إلى وقف الدعم عن سلع وخدمات رئيسية وزيادة الرسوم على كثير من الخدمات، من الأولى أن يدفع الديوان إلى تغيير سياسته في توظيف الأجانب على حساب المواطنين.
وبعيداً عن أية حسابات سياسية أو طائفية أو أمنية تتعلق بالاستقرار، فإن جعل البحريني الخيار الأول، أفضل حتى من الناحية الاقتصادية البحتة، فالبحريني لن يكلّف موازنة الدولة أكثر من الراتب، بينما تضطر الحكومة إلى دفع ضعف ذلك للأجنبي لتغطية تذاكر السفر وبدل الغربة وتكاليف السكن والصحة والتعليم لأبنائه. وهو أمرٌ يدركه المسئولون في ديوان الخدمة المدنية وبالأرقام، أكثر منا كمتابعين في الصحافة. ولذلك نظل نعبّر عن المزيد من الاستغراب لإصرار الديوان على سياسة "تفضيل الأجانب على البحرينيين".
القضية ليست عارضةً، وإنّما مشكلةٌ يعاني منها البحرينيون جميعاً، حيث تتسبب في استمرار البطالة التي يشكو منها أبناؤهم، وستزداد وتتفاقم مع استمرار هذه السياسة مستقبلاً.
تصريح الديوان نشرته "الوسط" مرتين، المرة الأولى على الأونلاين يوم الجمعة (24 مارس)، والثانية ورقياً يوم السبت (25 مارس)، وقد أثار الكثير من الردود والتعليقات، التي تعكس مواقف الناس وآراءهم في سياسات ديوان الخدمة المدنية.
الخبر الأول الذي نُشر مختصراً (93 كلمة فقط)، ورد عليه 141 تعليقاً من القراء، رغم نشره يوم إجازة أسبوعية، وتم تفعيل 77 منها فقط، التزاماً بقواعد وقوانين النشر. أما الخبر الثاني، الذي نشر مفصلاً (930 كلمة) فقد حظِي بـ50 تعليقاً، تم تفعيل 35 منها. وأهمية هذه الردود أنها تكشف موقف الرأي العام من الردود الرسمية الكلاسيكية، التي لا تجيب على الأسئلة بشفافية، ولا تقنع الجمهور.
في هذه الحالات، نتمنّى أن تتابع أقسام العلاقات العامة بالوزارات، خصوصاً وزارات "التربية والتعليم" و"الصحة" و"الإسكان"، هذه الردود وتنقل خلاصاتها إلى الرتب العليا بالوزارات، لتكون على معرفةٍ بموقف الجمهور، وعدم الركون إلى الردّ عليها في اليوم التالي، لأن هذه الطريقة لا تحلّ المشاكل وإنّما تفاقمها وتؤجّل حلّها. كما أن تعليقات القراء أشبه باستبيان مفتوح يمكن للمسئول أن يعرف من خلاله موقف الجمهور من عمله وأداء مؤسسته، دون ضغوطٍ أو مراقبة مسبقة أو خوفٍ من الاتهام والعقاب.
من النقاط التي تكرّرت في ردود القراء، أنه إذا كان الديوان يدّعي وجود قصور لدى الخريجين البحرينيين، لماذا لا يتم الاستعانة مؤقتاً بالأجنبي حالما يقوم بتدريب المواطن ثم يُنهى عقده، بدل أن يحلّ مكانه للأبد؟ وبعض الردود تضمّن قصصاً فردية لخريجين عاطلين منذ عشر سنوات لم يتم توظيفهم بينما يتم استقدام أجانب محلهم، في مجالات مطلوبة كالهندسة أو المحاسبة أو الطب أو التمريض. ولماذا نلاحظ كثرة الكوادر الأجنبية في الوزارات الحكومية كالأشغال والكهرباء والإسكان، فضلاً عن التربية والتعليم، رغم توفر خريجين عاطلين منذ سنوات يحملون نفس المؤهلات؟ أما أحد القراء فقال مستنكراً: "بودّي أن أصدّق أن من بين مئات البحرينيين ليس هناك واحد كفاءة وتفضلون الأجنبي عليه! أنا صار لي خمس سنوات منذ قدّمت في ديوان الخدمة ولم يأتني اتصال واحد منهم، وإذا اتصلت بهم يقولون: انتظر... ليس هناك شاغر. أليس هذا ظلماً أن تفضّلوا الأجنبي علينا مع أنهم ليسوا أفضل كفاءةً منا؟".
إنها إجابات صريحة، يجدر بالمسئولين في ديوان الخدمة المدنية الاطلاع عليها، لمعرفة حقيقة مواقف الرأي العام.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/03/29