الوسوسة الرقمية!
عبدالله المزهر ..
مشروع التحول نحو التعليم الرقمي يبدو للوهلة الأولى عنوانا جميلا وجذابا، وكلمة رقمي ما دخلت على شيء إلا جعلت منه شيئا ثمينا حتى وإن لم يكن كذلك بالفعل.
وبالطبع فإني أرجو أن تخيب ظنوني البائسة ووساوسي التي تحدثني بها نفسي الأمارة بالشك بأن هذا المشروع سيلحق بمشاريع كثيرة لوزارة التعليم بكل أسمائها السابقة واللاحقة.
وأرجو أن يكون جذابا وجميلا في «الوهلة الأخيرة» أيضا، ولكن المشكلة أن أمنياتي ليست هي من يحدد المخرجات النهائية لمشاريع الوزراء والوزارات.
يقال: إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، ويصلح كثيرا أن يقال أيضا: إذا أردت أن تفي بوعودك فعد بما تستطيع.
ما يرميه شيطان الوسوسة من المشاريع في خلدي أن هذا المشروع سيطبق في مناطق محددة، وفي مدارس محددة لغرض العرض والتصوير، ثم إنه سيموت كما مات ما سبقه من المشاريع «المليارية»، ويقول أيضا ـ أي شيطاني ـ إن النسيان هو المكان الأفضل الذي تقام عليه المشاريع التي لا يستفيد منها الجميع بشكل متساو. والعزاء الوحيد أنه لا دائم إلا وجه الله سبحانه فكل شيء لا محالة زائل، بما في ذلك الناس والمشاريع والوزراء أيضا.
وإني ـ والله ـ أقاوم هذه الوسوسة، وأقول إن وقت التجارب في قطاع التعليم قد انتهى، وأحاول جاهدا أن أستعيذ من كل وسواس خناس يتراقص أمامي كلما سمعت عن مشروع يغلب عليه الطابع الاستعراضي.
ولكن المشكلة الأخرى أن شياطيني ـ حتى وإن طردتها ـ ليست هي من سيتسبب في فشل المشاريع، وليست هي من تسبب في فقدان الثقة في كلمة «مشاريع».
وعلى أي حال..
كلي أمل أن تنتصر لي وزارة التعليم وأن تجعلني أسخر من شياطيني ولو لمرة واحدة فقط، أريد أن أضرب أقرب شيطان يشككني في مشاريع وزارة التعليم بـ «الأيباد» على رأسه، فتكون استعاذة رقمية هي الأخرى تشعرني بلذة الانتصار ولو لمرة واحدة فقط، ثم لا يهمني بعد ذلك ما الذي سيحدث.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/03/30