آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

«الإرهابي يظل طول عمره إرهابياً»!

 

هاني الفردان

«الإرهابي يظل طول عمره إرهابياً»، جملة مقتبسة من حديث مسئول في وزارة الداخلية خلال اعتراضه على مداخلة أحد النواب في جلسة مجلس النواب يوم الثلثاء (1 ديسمبر/ كانون الأول 2015) وبحسب ما نقلته الصحف المحلية، أثناء مناقشة مرسوم قانون بتعديل بعض أحكام قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، والذي يقضي بتشديد العقوبات الواردة في القانون، وسط اعتراض عدد من النواب على المرسوم، وتحفظ لجنة الشئون التشريعية والقانونية عليه لما يكتنفه من شبهة دستورية.

لا يعرف بعد على ماذا استند المسئول بوزارة الداخلية في حديثه السابق، وتأكيده وجزمه بأن «الإرهابي» سيبقى طول عمره «إرهابياً»، إذ بذلك الحديث أغلقت وزارة الداخلية باب التراجع والتوبة على «المغرر بهم»، أو هي بذلك تقول لهم ابقوا على ما أنتم عليه، فأنتم في نظرنا «إرهابيون» طوال عمركم، ولا مجال لهدايتكم ولإصلاحكم.

ذلك الحديث الذي يمكن أن يكون «زلة لسان» أو «خطأ في التعبير» أو «عدم توفيق» في اختيار المفردات والجملة، خلق حالة من الالتباس؛ لأن وزارة الداخلية تعمل بمبدأ النصح والمناصحة، ولها مواقف في ذلك وخصوصاً مع المقاتلين البحرينيين في الخارج.

ففي 27 مارس/ آذار2014 طالبت وزارة الداخلية، في بيان لها، المواطنين المخدوعين والمتورطين بالانضمام أو الشروع في الانضمام إلى جماعات إرهابية، وبخاصة المتواجدين حالياً في مناطق النزاع بضرورة العودة إلى رشدهم، والمبادرة بالرجوع إلى أرض الوطن، خلال مدة لا تجاوز أسبوعين، اعتباراً من تاريخ صدور هذا البيان.

وقالت الداخلية إنها ستعد لهم بالتعاون مع الجهات المعنية ذات الاختصاص، برامج خاصة للمناصحة من بينها الإحاطة بالأفكار والآراء الدينية الصحيحة والتوعية بمصلحة البحرين، كما تستهدف تأهيل العائدين من تلك المناطق لتفادي أي تأثيرات سلبية قد تؤثر عند عودتهم على الاندماج في المجتمع على نحو صحيح.

وزارة الداخلية تعلم جيداً أن المقاتلين ضمن صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق «إرهابيون»، ومع ذلك تعهدت بمسامحتهم في حال عودتهم خلال المدة التي وضعتها سابقاً، كما تعهدت بمناصحتهم وتوعيتهم وتأهيلهم وكذلك إدماجهم في المجتمع، ولم تقل عنهم أنهم «إرهابيون وسيبقون طوال عمرهم إرهابيين».

ولأن باب التوبة أغلق في وجه المتهمين بـ «الإرهاب» فإن العقوبات تم تشديدها، ولم ينظر حتى إلى معايير حقوق الإنسان، فما هو المانع أن يحبس «بريء» 28 يوماً دون إحالته للنيابة العامة، أو 6 أشهر دون إحالته للمحكمة، فقط لكونه «متهماً» دون أن تثبت إدانته في المحكمة، وبحسب النص الدستوري في المادة (20) الفقرة (ج) التي تنص على أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية، تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون».

وبما أنه «إرهابي وسيبقى طول عمره إرهابيا»، فما هو الداعي للنظر في معايير دولية أو عهد دولي معني بالحقوق المدنية والسياسية أو حتى حق الإنسان في الحرية والأمان الشخصي والمحاكمة العادلة، وما هي الفائدة أصلا من تسمية السجون بمراكز إصلاح وتأهيل، إذا كان «الإرهابي» سيبقى طول عمره «إرهابياً»، كل ما نتمناه ألا يكون هناك توجهان منفصلان عن بعضهما بعضاً، فبرامج المناصحة والتوعية والتأهيل وكذلك الإدماج في المجتمع لطرف، بينما وصف المحسوبين على الفئة الثانية بأنهم «إرهابيون طوال عمرهم»، ولا مجال أو فرصة لهم بأن لا يوصفوا إلا بذلك الوصف «إرهابي».

الاعتراض على ما واكب تعديلات قانون «الإرهاب» في البحرين، يكمن في إسقاط حق المتهم أو حتى المذنب والمدان من «التوبة»، إذ سيبقى في نظر البعض «إرهابياً طوال عمره»، هذه النظرة التي ربما تكون غير مقصودة، وإذا كانت «زلة» فإن ذلك يحتاج لتوضيح، حتى لا تغلق أبواب كثيرة فتحها رب العزة والجلالة الذي يقبل توبة التائبين، بعد اعترافهم وصدق نواياهم.


صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2015/12/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد