الجامعة العربية بين الواقع والطموح
عبدالمحسن يوسف جمال ..
في السياسة لا يمكن أن يكون الطموح إلا من خلال الواقع المعاش، فـ«ما كل ما يتمنى المرء يدركه»، بل وكما يضيف شاعرنا «تجري الأمور بما لا تشتهي السفن».
اجتماع جامعة الدول العربية الذي تم أخيرا في منطقة البحر الميت بالأردن، واجه واقعا صعبا شعر به الجميع، وهو أن حلول الأزمات العربية ليست بيد العرب، بل هي بيد الآخرين من الدول الكبرى التي لا بد من استشارتها واستمزاج رأيها!
لذلك لم ينته الاجتماع إلا بالاتفاق على إرسال الوفود إلى عواصم الدول العظمى عسى أن تجد حلا لمشاكلنا العربية، بعد أن عجزنا عن إيجاد حلول عربية لها!
ولقد كان صاحب السمو الأمير واضحا في تشخيص الواقع حين بيّن في كلمته التي ألقاها في المؤتمر «أن ما يواجهه العالم العربي من تحديات جسيمة ومخاطر محدقة يفرض الالتزام بنهج مختلف عما درجنا عليه في السابق»، خصوصاً أن سموه أعلنها صريحة «أن ما يسمى بالربيع العربي وهم أطاح بأمن واستقرار شعوب شقيقة، وعطل التنمية لديها، وامتد بتداعياته السلبية إلى أجزاء أخرى من الوطن العربي لتتدهور الأوضاع الأمنية فيها وتعيش شعوبها معاناة مريرة».
هذا التشخيص الدقيق، الذي طرحه سمو الأمير، يدق ناقوس الخطر لقادة الأمة العربية.
ثم بين بوضوح «أن الخلافات التي نعاني منها لن تقودنا إلا إلى المزيد من الفرقة في موقفنا والضعف في تماسكنا».
استمرار هذه الخلافات والابتعاد عن التشخيص الحقيقي لما تعانيه الدول العربية وعدم البحث الجاد عن الحلول التي تنبع من الواقع العربي نفسه، والتسامي على الاختلافات والركون إلى الدول الأجنبية، بما فيها الدول الكبرى، لإيجاد حلول لما يجري في عالمنا العربي، لن تزيد مآسينا إلا تعمقا واختلافاتنا إلا تجذرا، لأن تلك الدول ستبحث عن مصالحها بالدرجة الأولى ولن تتلمس معاناة دولنا وشعوبنا.
والحل هو ما طرحه سمو الأمير من التسامي على جراحنا، وإيجاد حلول محلية لخلافاتنا، والعمل من خلال الواقع لا من خلال الأحلام التي تمنينا بها الدول الأجنبية.
بل ما سنفاجأ به هو أن الدول الكبرى تتعامل مع مشاكل العالم، بما فيها المشاكل العربية، من خلال الواقع الذي تراه وليس من خلال العواطف وما نريد أن نراه!
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/04/03