منطقة على فوهة بركان
قاسم حسين ..
الأخبار اليومية في مجملها تؤشر إلى أن المنطقة العربية تمرّ بمرحلةٍ من المخاض العسير.
فمن القصف الدموي الذي تسبّب في مقتل عشرات المدنيين الأبرياء في سورية، وخصوصاً الأطفال الذين تمثل صورهم فاجعة كبرى تتفطر لها القلوب، إلى تداعيات عملية تحرير الموصل من قبضة تنظيم «داعش» شمال العراق، وما يقوم به من عمليات انتقامية يائسة تتسبب في إزهاق أرواح المدنيين وتهجيرهم بعشرات الآلاف، حيث يتحوّلون إلى حياة اللجوء، بعد أن أصبحت هذه البلدان المنكوبة إلى ملاجئ... وملاجئ غير آمنة.
كل هذه أعراضٌ لأمراض، بعد أن تمّ إجهاض حركات الربيع العربي التي انطلقت مطلع العام 2011، وسعى خلالها الشباب العرب سلمياً لتحقيق الكرامة والحرية والعيش الكريم. وهو حراكٌ لم يُواجَه بالقمع والقتل وانتشار البطالة أكثر فحسب، بل تم تسليط القوى الإرهابية التكفيرية على عددٍ من البلدان، التي تصدّرت الحركة، من تونس وليبيا ومصر، إلى سورية واليمن. وكان من الطبيعي أن تلقي الأحداث بشررها على دول الجوار، التي تدخلت بهذه الطريقة أو تلك، وخصوصاً في سورية والعراق، قلب المحرقة الآن.
التداعيات ستتصاعد أكثر وأكثر، وخصوصاً مع اقتراب ساعة القضاء على «داعش»، ففي العراق تم تحريك ملف استقلال الأكراد، وفي لبنان طالب رئيس الوزراء سعد الحريري في المؤتمر الأخير بدعم بلاده، ملمحاً باحتمال فتح الطريق أمام اللاجئين السوريين للتدفق على أوروبا، كما فعل من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك تزامناً مع طلب قوى الأمن من اللاجئين في إحدى مناطق البقاع بإخلاء مخيماتهم.
الجديد أن تنظيم «داعش» وجّه الأربعاء الماضي، تهديداً عنيفاً للأردن، حيث دعا أنصاره إلى تنفيذ عمليات في أراضيها شبيهة بهجوم الكرك (ديسمبر 2016)، وأودى بحياة عشرة أشخاص بينهم سبعة من رجال الأمن وسائحة كندية، وإصابة 34 شخصاً آخرين. فهذا التنظيم المتطرف، بأفكاره التكفيرية وبنيته الفكرية المتشددة، بات يشكّل تهديداً لكل دول المنطقة، وهي حقيقةٌ لم يدركها الكثيرون إلا بعد فوات الأوان. ولذلك فإن ما يقومون به يبدو عملاً في الوقت الضائع، هذا إذا ما توفّر الصدق في المواقف حقاً، وهو أمرٌ نادرٌ إن لم يكن معدوماً في السياسات الدولية.
في إصداره الجديد، بثّ «داعش» شريطاً تحت عنوان «فأبشروا بما يسوؤكم»، مدته 20 دقيقة، يحتوي مشاهد قاسية لعمليات إعدام وحشية لـ 5 أشخاص، قال «داعش» إنهم من القوات السورية التي تلقت تدريباً عسكرياً في الأردن. وهاجم التنظيم عشائر الأردن، التي اتهمها بالتخلي عن أبنائها ممن التحقوا بصفوفه، وقاتلوا معه في سورية، مع صور إعلان هذه العشائر براءتها من أبنائها.
مثل هذه الجماعة الشاذة التي دافع عنها البعض بداية صعودها، إما إيماناً بتوجهاتها الفكرية والعقائدية، وإما نكايةً بالآخرين، وغطّوا حركتها سياسياً بإسباغ لقب «ثوار العشائر العربية» عليها، أصبحت تهدّد الجميع اليوم، بعد أن تحوّلت إلى قوةٍ مدمرةٍ، كالنار تأكل بعضها، إن لم تجد ما تأكله.
في الإصدار الذي بثته ما يسمى بـ «ولاية الفرات»، نعى «داعش» عمر زيدان، أبرز كوادره من الأردنيين، بعد تردد أنباء عن مقتله في الأسابيع الماضية. وفي المقابل، وصف «داعش» عدداً من الشخصيات التي تُعرف بمنظّري التيار الجهادي مثل أبومحمد المقدسي، وأبوقتادة الفلسطيني، وغيرهما... بأنهم «حمير العلم»!
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/04/07