هاجس المتقاعدين والعجز في الصناديق
حسين أبو راشد ..
أضحى العجزُ في صناديق التَّقاعد المدنيِّ، والعسكريِّ، والتأمينات يمثِّلُ هاجسَ قلقٍ لغالبيَّة المتقاعدين، الذين يعوِّلون على رواتبهم الشهريَّة في تدبير سير حياتهم، وحياة أسرهم، بل ويُصابون بقلقٍ كبيرٍ بخاصَّةٍ عند تأخُّر صرف مرتباتهم ليوم أو يومين، فما بالنا عندما يشاهدون، أو يقرأون من مصادر مسؤولة بأنَّ هناك عجزًا محتملاً عمَّا قريب سيؤدِّي إلى عدم قدرة هذه الصناديق على صرف مرتباتهم، لا سيَّما وأنَّ عددَ المتقاعدين المدنيين والعسكريين قد بلغ ٧١٠ آلاف متقاعد، يُصرف لهم شهريًّا ما قيمته ٤٥٠٠ مليون ريال، وأنَّ عددَ المستفيدين المتقاعدين من نظام التأمينات قد بلغ ٣٢٠ ألف مستفيد شهريًّا، ويُصرف لهم حوالى بليون وثلاثمئة مليون شهريًّا، إضافة إلى تأمين التعطُّل عن العمل، والمخاطر المهنيَّة. ومثل هذه المصروفات تزداد شهريًّا في حين أن نمو المصروفات أعلى من نمو الإيرادات، والمصروفات تزداد سنويًّا للصناديق بنسب لا تقل عن ٨٪. هذا ويزداد الهاجس والقلق بعدما كشفت تقارير لأنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعيَّة عن عجز واضح في مواردها؛ ممَّا دفع أعضاء في مجلس الشورى للمطالبة باتِّخاذ الإجراءات التصحيحيَّة النظاميَّة والماليَّة مع الجهات ذات العلاقة، وطالب هؤلاء بسداد المبالغ المستحقَّة لصالح مؤسَّسة التقاعد التي بلغت ٥١ مليار ريال، ولم يسدد منها سوى ٦ مليارات ريال، مشدِّدين في الوقت ذاته على مراجعة المؤسَّسة لإستراتيجيَّاتها الاستثماريَّة بما في ذلك رفع معدل العائد على الاستثمار حقيقي المستوى، وبما يماثل المعدلات الاستثماريَّة العالميَّة، ناهيك عن أنَّ الارتفاع المتزايد في أعداد المتقاعدين في نظامي التقاعد المدني والتأمينات لاسيَّما التقاعد المبكِّر، والعجز الاكتواري الذي يتوقع أن يتجاوز الـ١٠٠ مليون ريال سنويًّا بات يشكل عبئًا كبيرًا على مؤسَّستي التقاعد والتأمينات، في ظل ما يواكب ذلك من ارتفاع مصروفات ومعاشات التَّقاعد التي أوجدت اختلالاً فيما بين المصروفات والاشتراكات، ويتأتى ذلك من أن أموال الصناديق لا تكفي لمواجهة الأزمات؛ كونها ليست مموَّلة بالكامل، بمعنى أن المنافع والمصروفات أعلى من الإيرادات.
أعضاء في مجلس الشورى -مشكورين- قدَّموا اقتراحًا بإنشاء صندوق احتياطي للتَّقاعد والتأمينات في المملكة، والبعض الآخر طالب برفع الاشتراكات، ورفع سن التَّقاعد؛ ليتمَّ سد العجز بدل تركه، الأمر الذي يصعب معه سد تلك الثغرة، وهذا ممَّا لا شك فيه إنَّما يسبِّب عبئًا ثقيلاً على الصناديق. وفريق ثالث طالب بالاستثمار بأموال الصناديق بإشراف مباشر عالى العائد.
إنَّ الدولة ضامنة لسدِّ العجز؛ لكنَّ الواقع يتطلَّب أن نرى عملاً مؤسَّساتيًّا، وبإشراف الدولة يدرُّ عائدًا ماليًّا عاليًا ومضمونًا لضمان حقوق المتقاعدين في جيلنا والأجيال القادمة، وذلك لتجنُّب ما حدث في عدد من الدول الأوروبيَّة، كاليونان وإيطاليا وإسبانيا، وكذلك ليطمئن متقاعدونا، ويؤمِّلوا خيرًا -إن شاء الله-.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/11