عبدالحليم البراك ..

دائما العتب عليكم يا ناس! لأنكم لا تحترمون النظام، وتؤذون المسؤولين، ولا تحترمون بعضكم بعضا.. فالعتب عليكم دوما.

الطبيب الجراح في المستشفى الخاص الذي تزدحم عيادته بسبعين مريضا ويأتي متأخرا على عيادته ساعة ونصف الساعة، يلوم الناس على عدم احترامهم النظام، ولا يلوم نفسه على حشر مواعيد الناس بمعدل كل دقيقة ونصف لكل مريض، وكأنه أسرع من ركلة غارث بيل للكرة! وتبدو فكرة لوم الناس المحشورين، والعتب على أخلاقيتهم أسهل بكثير من العتب على نفسه في التأخير، أو العتب على المستشفى الذي يضغط عليه ليستقبل أكبر عدد ممكن!

والمسؤول المروري يعتب كثيرا عليكم يا ناس، يعتب على تجمهر الناس حول الحوادث المرورية وإعاقتهم لإسعاف المصابين وتنظيم المرور فأنتم أسهل شماعة، وإلا متى آخر مرة رأيتم المرور ينشر شريطه حول الحادث بما لا يجعل مواطنا واحدا تحدثه نفسه لتجاوز هذا الحاجز المكون من شريط بلاستيك واهن تستعمله كل دول العالم، فهم يعتبون عليكم يا ناس ولا يعتبون على أنفسهم أبدا فهم يصلون آخر الناس أيضا!

(وأصغر أصغر أصغر) مسؤول في (أصغر أصغر أصغر) دائرة حكومية، يشرح لك كيف يستغل الناس الفراغ النظامي في دائرته، مما يتطلب منه أن يباشر تقييم العمل بنفسه، والعتب عليكم يا ناس؛ عندما تستغلون هذا الفراغ، مما يجعل مباشرته للعمل أمرا ضروريا، ومنه يستمد قوته، ويخطب وده، و(يضبط) علاقته، ليصبح (أصغر، أصغر، أصغر) مسؤول في (أصغر، أصغر، أصغر) دائرة حكومية، (أهم، أهم، أهم) شخص في المدينة بسبب احتفاظه بالصلاحية غير المبرر والعتب عليكم يا ناس!

وشركات التأمين ومؤسسة النقد تعتبان عليكم يا ناس، فترفع تأمين السيارات الإلزامي لأن فئة منكم (لا نعرف منهم!) يكثرون من الحوادث المرورية وبهذا فأنتم ترفعون خسائر شركات التأمين الغلبانة، والتي كل يوم نسمع عن شركة خاسرة وأخرى مفلسة تخرج من السوق، ولا يعتبون على جشعهم، وسوء إدارتهم، ولا يعتبون على مؤسسة النقد التي زجت بعشرات الشركات دفعة واحدة، والعتب على الناس طبعا.. (للأمانة استدركت مؤسسة النقد هذا الموضوع فألزمت شركات التأمين بأخذ تاريخ حوادث الناس (المعتوب عليهم دائما) حتى يكون هناك سلم أسعار بحسب تاريخ حوادثك، لكن وللأمانة أيضا رفعت شركات التأمين الأسعار مرة أخرى حتى تخفضها للناس ذوي التاريخ الأبيض!) والعتب عليكم يا ناس!

العتب عليكم دوما يا ناس.. الذين تقرؤون مثل هذه المقالات التي تنال من أصحاب القوة لأنكم قد تحتاجونهم!

صحيفة مكة