التجربة الغانية
عبدالعزيز الصويغ
أغربُ تعبيرٍ سياسيٍّ يمكنُ أن نبرزه، ونضعه في رواق السياسة العربيَّة، هو وصفُ الرئيسِ المصريِّ الأسبق أنور السادات ديموقراطيَّته بأنَّها ( ديموقراطيَّةٌ لها أنيابٌ ).. وهو ما يمكنُ تعريفه بـ (الديموقراطيَّة الأنيابيَّة ).. التي تسمحُ للحاكم أن يغرسَ أنيابه في معارضيه، إذا وجد أنَّهم خرجوا عن الإطار الذي رسمه لهم .. دون اعتبارٍ لأيِّ شىءٍ آخر، فأنيابُ الحاكم تعلو فوقَ كلَّ شيءٍ آخرَ ! حتَّى دستور الدولة نفسه .
** **
وإذا كانت التجارب الديموقراطيَّة في محيطنا العربيِّ، وفي دول الجوار الإفريقيَّة، حديثةً شيئًا ما، مقارنة بعراقة الديموقراطيَّة في دول الغرب، فإنَّ تجربة دولة غانا تعطي انطباعًا إيجابيًّا بأنَّها مثالٌ ناجحٌ لبعض دول القارَّة السوداء؛ للانتقال إلى نظام توجد فيه انتخاباتٌ حرَّةٌ ونزيهةٌ، وتداولٌ للسلطةِ، ومؤسَّساتٌ انتخابيَّةٌ فاعلةٌ، وصحافةٌ حرَّةٌ، وفصلٌ بين السلطات، وحُكمٌ ديمقراطيٌّ فعَّالٌ . لكنَّ هذه التجربة لم تتحقق، وفق ما يقول الرئيس الغاني جون أجيكوم كوفور (2001/2009) ،إلاَّ بإرادة الشعبِ الغانيِّ الميَّالة للتعاون، والتسامح، واحترام القانون .
** **
وبعد تجاربَ فاشلةٍ متعدِّدةٍ تخلَّلها فوضي وانقلاباتٌ عسكريَّةٌ، كان عام 1992 علامةً فارقةً في تاريخ الديموقراطيَّة في غانا . فقد ظهر دستورُ الجمهوريَّة الرابعة، الذي نصَّ على الفصل بين السلطات، واحترام حقوق الإنسان الأساسيَّة، والإدماج بغض النظر عن القبيلة، أو الدِّين، أو الجنس، والاعتراف بمنظمات المجتمع المدني . فقد رسَّخ الدستورُ سيادةَ القانونِ والمراجعةِ القضائيَّةِ وحريَّة الإعلام والتعدُّديَّةِ الحزبيَّة وغيرها .
يبقي أساسُ تحقيق الديموقراطيَّة في غانا، كما يقول رئيسها السابق، هو إرادة الناس أنفسهم، فالحريَّة تولد مع الناس، وتتحقَّق بطموحاتهم وإرادتهم .
#
نافذة:
(أجلْ.. نحنُ نتقدَّمُ في ممارستِنَا للديموقراطيَّةِ . والأساسُ هُو وجوبُ منحِ الكثيرِ من الثقةِ للشعبِ، وشعبُنَا يؤمنُ بمبدأ : عشْ وأتركْ غيرَكَ يعيش ...).
جون أجيكوم كوفور
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/18