من وحي كلمة وزير التعليم (1)
سالم بن أحمد سحاب
في المؤتمر الذي عُقد في الرياض قبل قرابة أسبوع بعنوان: (الجامعات السعودية ورؤية 2030: المعرفة وقود المستقبل) أظهر وزير التعليم في كلمته أمام المؤتمر عتبًا على الجامعات الحكومية السعودية من حيث عدم مواكبتها لاحتياجات سوق العمل، ولاستمرارها في قبول أعداد كبيرة من الطلاب والطالبات بما يفوق طاقة كل منها الاستيعابية، وفي تخصصات غير مطلوبة.
حديث ذو شجون، لكن لا جديد فيه سوى أنه صادر من قمة الهرم التعليمي في البلاد. الجديد الآخر هو غرابته بعض الشيء، فالمعروف عن الوزير المسؤول عن الجامعات (أيًا كان) مطالبته الجامعات بقبول مزيد من الطلاب والطالبات لا عن قناعة، ولكن استجابة لضغوط المجتمع الهائلة المبنية على السؤال الشهير: (وأين يذهب أبناؤنا وبناتنا إن لم تجدوا لهم في الجامعة موطئ قدم؟!).
صعب الخروج بحلولٍ عاجلة في بيئة أدمنت التباهي بقبول أعداد كبيرة من الطلبة، بل والتنافس فيما بينها لإعلان الفوز باللقب الرفيع: (أكبر جامعة) من حيث الأعداد ولا شيء سوى الأعداد! وحتى بعض الجامعات الناشئة تجاوزت في أعداد طلبتها أعتى وأكبر الجامعات الغربية، وخلال سنوات قليلة جدًا.
وأما الجودة والمستوى فتُركت للشعارات والاجتهادات، وحتى برنامج تقويم خريجي الأقسام العلمية في الجامعات السعودية (الذي بدأته الوزارة) قد غطّ في سبات عميق، وآوى إلى درج شديد محكم الإغلاق بعيد المنال.
وأضاف الوزير في كلمته الافتتاحية أن الوزارة (تقوم حاليًا بصياغة إستراتيجية متكاملة للتعليم تشمل رسم خريطة جديدة للتعليم العالي....)، ويبدو أن مرحلة (حاليًا) صفة لحالات قديمة مستمرة منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان، وهي تتجدد بتجدد الوزير، ولها صفة الديمومة. المعضلة الكبرى أن الخرق يتسع باستمرار في ترافق مستمر مع (حاليًا) التي آمل ألاّ تكون (مؤبدة).
السؤال الأخير: هل بمقدور الوزارة (التي أحسبها جهة تنفيذية) صياغة الإستراتيجية المأمولة؟ هل تملك من الأدوات ما يكفي لأداء المهمة الجليلة العويصة؟ وهل الإستراتيجية مجرد (وثيقة) أخرى مكتوبة بماء الذهب، لكن دونها ودون تطبيقها جبال من التعب والنصب؟.
وللحديث بقية.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/19