التخطيط المالي معرفة يجب تدريسها
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي
صادفت أحد أصدقائي القدامى وبعد تبادل الأحاديث شكا لي من عدم قدرته السيطرة على مصاريفه المتعددة رغم أن دخله الشهري يعتبر عاليا ومع ذلك لم يستطع توفير أي مبلغ أو حتى تملك بيت، وعلى عكس هذا الصديق هناك أشخاص آخرون لديهم نصف دخله الشهري واستطاعوا تملك بيت وتوفير جزء من دخلهم الشهري، ومن خلال عملي صادفت شريحة ليست بالقليلة تعاني من جهل في كيفية التخطيط المالي ولديها فشل كبير في إدارة أموالها وهذا يرجع بجزء كبير منه إلى التربية والتعليم في الصغر على إدارة الأموال وكيفية الادخار، خصوصا مع زيادة اهتمام المجتمع بالكماليات في السنوات الماضية (من المتوقع تراجع الاهتمام بها في المستقبل) وارتفاع التكاليف والفواتير، أصبحت معرفة الشخص ورب الأسرة بالتخطيط المالي مطلبا مهما لتجنب الوقوع في شرك الديون والالتزامات التي تفوق قدراته. إن من أهم الأشياء التي تساعد الشخص على إدارة أموره المالية هو إعداد قائمة بميزانيته تتضمن دخله وجميع المصاريف المتوقعة شهريا وعليه يستطيع مراجعة بعض هذه المصروفات بمبدأ الأهم ثم المهم حتى يستطيع تخفيض المصاريف بدرجة مناسبة والتحكم في مصاريفه ومعرفة مصادر تسرب أمواله، وصدقني عزيزي القارئ ستفاجأ من سبل إنفاقك وأين تذهب أموالك في أمور كنت تعتقد أنها صغيرة وبسيطة ولتحكم جرب وتعلم، لكن هذه كخطوة أولى نحو التخطيط المالي، فبعد التحكم بالمصاريف يجب أن تصنع خطتك المالية بناء على الأهداف التي تطمح لها خلال الفترة التي تحددها وترى أنها مناسبة سواء لشراء منزل أو بناء استثمارات معينة في منتج استثماري أو لأي هدف تحتاج أن تحققه خلال مدة معينة، للأسف الغالبية العظمى لا نجد لديهم مخططا ماليا يرجعون إليه في إنفاقهم ولا يوجد أي تصور لهم حول مستقبلهم المالي، وهذا يعود بالأساس لضعف التأسيس في جوانب التخطيط منذ الصغر سواء في الأمور المالية أو غيرها؛ ولذلك من المهم تربية النشء على التخطيط بشكل عام والمالية بشكل خاص، ومن المناسب أن يقدم هذا المقترح إلى وزارة التعليم كجزء من التطوير الذي تعمل عليه أن يتم إدراج مواد تطبيقية لمواضيع التخطيط ومن ضمنها التخطيط المالي وفيه يقوم الطلاب بالتعلم بكيفية إعداد ميزانية شخصية، ومن ثم يطلب منهم ضبط التكاليف وتحديد الأولويات واستبعاد الكماليات، ومن ثم يطلب منهم إعداد خطط مالية متنوعة بناء على أهداف مختلفة ومن المناسب حتى إعطاؤهم معرفة بالقروض وكيف من الممكن أن تسبب المشاكل في حال عدم استغلالها أو التعامل معها كما يجب، وهكذا يتم غرس مفهوم التخطيط لدى أطفالنا وحتى لا يتكرر أخطاء تحدث اليوم، حيث إن الكثير من الشباب والشابات عندما يقبل على الزواج أو حتى عندما يؤسس عائلته لا يملك أي مهارات في الإدارة المالية الشخصية ولا التخطيط المالي وذلك يؤدي بهم إلى الفشل المالي وعدم تحقق طموحاتهم من تأمين مسكن أو حفظ مدخرات أو استثمارات ومن ثم (وفي بعض الحالات) انهيار الزواج ورمي الأسباب كل على الآخر، من يعاني اليوم من ثقل المصاريف والفشل في إدارة ماليته الخاصة يجب أن يعيد ترتيب أولوياته ومصروفاته وأن يبدأ أولا بالتخلص من الديون وإيقاف بطاقات الائتمان قدر الإمكان فهي مصدر للمصروفات غير المحسوبة والمتراكمة خصوصا مع الفوائد العالية المفروضة عليها، كذلك البدء في برامج ادخارية استثمارية تستقطع شهريا من الراتب لتكوين محفظة استثمارية يكون الهدف منها تنمية رأس المال وتحقيق عوائد دورية عبر منتجات استثمارية مثل صناديق الأسهم أو الصناديق العقارية المتنوعة وغيرها الكثير وتجاهل فخ إعلانات التخفيضات خصوصا الاستهلاكية أو الكماليات التي لا يوجد حاجة ملحة إلى شرائها اليوم.
في الختام، الإدارة المالية تقوم بشكل أساسي على الانضباط الصارم والمراقبة لتحقق أهدافها، فمتى ما ملك الشخص هذه الميزة مع المعرفة استطاع تحقيق النجاح والأهداف وصنع استقرار في حياته يبعده عن المشاكل والهموم الناتجة عن المشاكل المالية.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/04/19