«أنت لست مسلماً يا أخي»
هاني الفردان
«أنتَ لستَ مسلماً يا أخي» صرخ أحد الأشخاص على منفّذ عمليّة الطعن في محطة مترو بلندن قبل أيام خلال اعتقاله إثر قيامه بطعن ثلاثة أشخاص بينما كان يصرخ «هذا لأجل سورية».
الشخص المجهول الذي ظهر في فيديو حادث الطعن صرخ باللغة الإنجليزية: «You Aint No Muslim Bruv»، وBruv هي كلمة متداولة جنوب لندن، وهي اختصار لكلمة Bruva أي brother «أخ».
ووفقاً لموقع «توب سي» للإحصاءات، فإن هاشتاق «أنت لست مسلماً يا أخي»، باللغة الإنجليزية، شهد أكثر من 93 ألف تغريدة خلال أقل من يوم واحد، ويعتبر رقماً قياسياً في «تويتر».
اهتمت كبرى وسائل الإعلام العالمية بـ «الهاشتاق»، حيث أعدت صحف «نيويورك تايمز»، «ديلي ميل»، «الغارديان»، «سي أن أن»، وشبكة «سكاي نيوز»، تقارير مفصلة عن الهاشتاق، وأبرز التغريدات الواردة فيه.
الكلمة التي قيلت و«الهاشتاق» الذي انتشر ربما يكون مؤشراً لبداية تغير في وجهات نظر العالم الغربي اتجاه المسلمين وما كان يعرف بـ «فوبيا الإسلام»، إذ بدا واضحاً تفهم تلك الشعوب بأن «الإرهاب» والقتل وسفك الدماء ليس مرتبطاً بالإسلام قدر ما هو حالة من حالات التطرف التي تعاقبت على العالم خلال فترات زمنية.
سيذهب البعض للقول بأننا ضد الشعب السوري ونصرته، وسيتعمد البعض خلط الأوراق والعبث بالكلمات، وتأويل الكلام، وذلك لتبرير قتل الآخرين وإن لم يكن لهم ذنب أو علاقة بما يجري مثلاً في سورية أو العراق أو غيرها من المناطق العربية.
عمليات التفجير، والقتل التي تحدث تحت لواء الجماعات الإرهابية يذهب ضحيتها أبرياء من شعوب العالم وليس صناع القرارات ولا السياسيون.
ديننا الإسلامي سمح وعظيم، ولم يكن «إرهابياً»، ومبيحاً لسفك الدماء، ولا التنكيل بالآخرين أو غيرها مما نشهده هذه الأيام على أيدي جماعات «تكفيرية».
لتوضيح فكرة عظمة الدين الإسلامي وتسامحه، فإن وصية الإمام علي (ع) لابنه الحسن (ع) بشأن قاتله عبدالرحمن بن ملجم المرادي أبلغ رسالة يمكن من خلالها فهم ديننا الإسلامي بصورته الصحيحة عندما قال: «يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب إلينا إلا كرماً وعفواً، والرحمة والشفقة من شيمتنا، بحقي عليك فأطعمه يا بني مما تأكل واسقه مما تشرب، ولا تقيد له قدماً ولا تغل له يداً، فإن أنا مت فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة، ولا تمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، وإن أنا عشت فأنا أولى به بالعفو عنه وأنا أعلم بما أفعل به».
في الجانب السياسي من المشهد أيضاً، فإن ما شهده العالم من تفجيرات وهجمات إرهابية غير قناعات دول وسياسيين، حتى في الشأن السوري، فبعد أن كانت تلك الدول متمسكة بتغيير النظام السوري ورحيل بشار الأسد، أصبح ذلك ليس أولوية لديها بقدر ما تكمن أولويتها في القضاء على الجماعات الإرهابية والتكفيرية من داعش وأخواتها، حتى لو أدى ذلك لبقاء النظام السوري وعلى رأسه الأسد.
القتل والإرهاب والتفجير الانتحاري وسفك دماء الأبرياء، لن يفيد الشعب السوري المشرد حالياً، ولن يكون في صالحه، حتى أصبحت تلك الجموع من اللاجئين تبحث عن مكان يؤويها بعد أن أغلقت الأبواب في وجهها من قبل ما يدعون أنهم أصدقاؤهم ومناصروهم ومحبوهم.
من أجل الإسلام ومن أجل الشعوب العربية بشكل عام ومن أجل الشعب السوري، أوقفوا قتل الأبرياء وسفك الدماء، ومن أجل أن يعودوا لديارهم ويعيشوا بكرامتهم ويمارسوا حياتهم بكافة حقوقهم وبكامل إرادتهم.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2015/12/09