الخبير بالفساد
عبدالعزيز المحمد الذكير
ربابنة الفساد الإداري، ومن انزلقوا في وحوله سيظلون يركضون وإن اختلفت طبيعة الأرض.. أو بعُدت المسافة، مثل حيوان الكنغر الأسترالي يتقافز ذات اليمين وذات الشمال، فوق تحت أمام، وربما رجع إلى مكانه وهو لا يدري، المهم أن يقفز ويتحرك، والأمور الأخرى تأتي لاحقاً..
والرجال الخيّرون كثُر لكن اكتشافهم صعب في هذا الزمن أو أن عملية البحث عنهم ومن ثم اكتشافهم لا تكون دقيقة في كل الأحيان.
ثم إن مشكلتنا في هذه المنطقة أن الرديء لا يلبث أن "يقفز" من موقع لآخر خارج الملاك الحكومي فالرديء يظل رديئاً وإذا حدث وجرى إبعاده من موقعه كموظف عام لا يلبث أن يفتح مكتب «استشاري رداءة» أو «استشاري أذية»
تحكي طرفة أميركية أن واحدة من المدن الأميركية لاحظت تنامي فائض كبير من القطط في أزقة المدينة. كوّن المجلس البلدي قوة واجب أو لجنة طوارئ، وتبيّن له سبب هذا التنامي المؤذي وغير المحبب. وهو وجود قط يمتك نشاطاً غير عادي في فحولته.. ولأن جمعية الرفق بالحيوان تمنع قتل مثل ذاك الحيوان، لأن الأسباب في نظر الجمعية واهية وغير كافية لإبادته، فاستقر الرأي على إجراء عملية تعطيل النسل لذاك الحيوان، وتم ذلك.
وسارت الأمور على ما يرام خلال سنتين، غير أن ظاهرة التكاثر عادت إلى الظهور مرة أخرى. واجتمعت لجنة البلدية لبحث هذا المستجد المقيت. تبين أن ذلك القط التحق بـ"هارفارد" -إحدى الجامعات المشهورة بإدارة الأعمال- وبعد تخرّجه فتح مكتباً استشارياً! يبيع خبراته في التناسل.. لأنه أصبح غير قادر على تقديم ظاهرة تنامي القطط الضالة.
ثمة مثل دارج عندنا يقول: الفاسد لو لحّمت عليه داخل برميل أبو١٢ يعرف يخرج منه. والبرميل أبو١٢ هو أكبر مُستوعب تُنقل فيه السوائل البترولية قديماً، وهو معروف بصلابته وقدرته على احتواء عامل الأمان. والظاهر أن من اخترع هذا المثل هو واحد من سائقي الطرق الطويلة، قبل الصهاريج.
ومشكلتنا في هذه المنطقة من العالم أن من تعوّد على آفة الفساد تطيب له ولا تخالجهُ ذرة من حياء.
قديماً كان مرتكب الرشوة يعد من سفلة القوم وكان يشار إليه عن كثب، الرشوة كانت هي (البرطيل) وهي مفردة صحيحة (القاموس المدرسي) ومنه مبرطِل وتبرطل وهي ذات معنى شائن ومخل بالشرف الشخصي.
ثم تصاعدت الظاهرة وظهر شعار (ارشِ تمشي) و(الدراهم كالمراهم) وتسربت الظاهرة حتى إلى الأدب العربي.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/04/24