ماذا سيحدث في المربع الأصفر غداً الإثنين؟
قاسم حسين
أعلنت الإدارة العامة للمرور، أنه سيتم اعتباراً من يوم غدٍ الاثنين، (الأول من مايو)، تطبيق ضبط مخالفات تجاوز المربع الأصفر عند التقاطعات والإشارات الضوئية.
الإدارة تقول إن التطبيق سيتم من خلال الكاميرات الحديثة ووسائل التقنية المتطوّرة، وكذلك من خلال فريق مختص للحد من تلك المخالفة التي تؤثر بشكل كبير على انسياب الحركة المرورية.
ما تقوله إدارة المرور شيء نظري جميل، ولكن ما سينتج عنه عملياً شيء آخر مختلف تماماً، على عكس ما تتوقعه، فهذا الإجراء أشبه بمن يحاول علاج عَرَضٍ بسيطٍ لمرض أكبر. فتجاوز المربع الأصفر يعكس مشكلة الخلل في نظام الإشارات المرورية التي لا يفصل بينها غير بضعة أمتار، وتتسبب بدورها في تكدس السيارات وتوقفها في طوابير متداخلة من أكثر من اتجاه. وهي معاناةٌ نعيشها كسوّاق ومستخدمي طرق كل يوم، وفي كل مشوار للعمل أو خلافه، وفي ساعات الليل أو النهار، وأيام الدوام أو العطل الرسمية والأعياد.
إدارة المرور ترى أن تجاوز المربّع الأصفر، يؤثر بشكل كبير على انسياب الحركة المرورية، وهو كلام نصفه صائب، ونصفه يجانبه الصواب. فهذا الإجراء إذا كان سيعالج مشكلةً واحدة، فإنه سيخلق مشاكل أخرى حتماً. وما سيحدث هو زيادة الإرباك في حركة السيارات، وزيادة التدافع بين السواق، بين من يريد أن يسرع للإفلات من الإشارة الضوئية، وبين من يخشى الوقوع في فخ المربع الأصفر، وهو ما سيزيد حالة الفوضى والخلافات، وربما يزيد معه معدل وقوع الحوادث، ومعه سيرتفع معدل الزحام والاختناقات المرورية.
كتبنا عن هذه المشكلة قبل سنوات، وكرّرناها قبل أشهر وأسابيع، وآخرها قبل أيام، لكن الجهات المعنية (الداخلية والأشغال)، لا تعترفان بوجود مثل هذه المشكلة من الأساس، وتصرّان على أن نظام الإشارات الضوئية عندنا هو الأفضل والأذكى في العالم، وبالتالي لا يحتاج إلى إصلاح أو حتى إعادة ضبط وبرمجة، حتى لو أدّى عملياً إلى زحام دائم واختناقات! هذا النظام العليل يسهم بدورٍ رئيسي في عرقلة انسيابية حركة المرور، وإلى دخول أغلب السواق للمربع الأصفر اضطراراً وليس عن طيب خاطر.
لن يعترض أحدٌ أو ينتقد فرض الغرامات إذا كانت ستحد من المخالفات أو تحافظ على الأرواح والممتلكات، لكن الاعتراض العام هو عدم اكتراث الجهات المعنية، في الداخلية أو الأشغال، بإجراء أي إصلاح يطالب به الجمهور للأنظمة المرورية. فعندما يطالب الناس بتركيب عدادات رقمية، أو إعادة برمجة الإشارات بحيث تطلق خمس أو ست نبضات تحذيرية للسواق، بدل الانتقال الفجائي السريع من الأحمر إلى الأخضر أو العكس خلال ثانيتين، فهذا مطلب معقول، يفترض أن تتلقاه الجهات المعنية بصدر رحب، وتتكفل بدراسته بدل الرفض المباشر له.
سيبدأ التشديد على المربع الأصفر، دون أن تحل الداخلية والأشغال جوهر المشكلة التي يعاني منها النظام المروري. فهما تصرّان على عدم إجراء أي إصلاح على نظام الإشارات المرورية، بأيّ شكل من الأشكال، وتتذرعان بعدم إمكانية تركيب أي عداد رقمي على الإشارات «الذكية» الحالية التي فشلت في التخفيف من الاختناقات المرورية أو تحسين انسيابية المرور.
الجمهور هو المستفيد الأول والأخير من الشارع، وهو المتضرّر الأكبر من وجود أي خلل في النظام المروري، وما يخلقه من مشاكل زحام واختناقات مرورية وتأخير عن العمل والدراسة والمستشفى وقضاء الأعمال. فليس من المعقول أن تتحرّك من إشارة خضراء لتقف بعد خمسة أمتار عند إشارة حمراء في الدوار نفسه، (كما يحدث في تقاطع السلمانية أو الجامعة/ وزارة العمل أو القدم أو البسيتين أو الخارطة...إلخ)، وبالتالي فإن النظام الحالي يعرقل انسيابية المرور بكل تأكيد. فهل تتوقعون مع فرض الغرامات على المربع الأصفر تسهيل هذه الانسيابية... أم زيادتها سوءًا؟ والحركة تلبكاً؟ والطوابير طولاً؟ والأعصاب انفلاتاً؟
هذا هو السيناريو الذي سنعيشه بدءًا من يوم الثلثاء، مع عودة الطلاب والعمال والموظفين إلى أعمالهم ودراستهم بعد إجازة عيد العمال... فانتظروا إنا معكم من المنتظرين.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/04/30