من يمثل القطاع الخاص ؟
سعيد محمد بن زقر
أعيد هذه الأيام قراءة تاريخ الغرف التجارية الصناعية بالمملكة وأتأمل بداياتها ودور الآباء المؤسسين في النهوض بها ودور القيادة في دعم القطاع الخاص وغرفه. فمن يقرأ في تاريخ الغرف سيجده سجلاً من العطاء الثر، غنياً بالتجارب وبالطموحات والأهداف الكبرى المتجردة من أي غرض دنيوي أو منفعة شخصية. فعندما تأسست الغرف التجارية ومجلسها، كان من أهم أدوارها نقل هموم القطاع الخاص إلى القيادة الرشيدة،، التي من جانبها تعاملت مع رجال الغرف بسياسة الباب المفتوح ،كما هو دأبها دائماً ،ولم تدخر وسعاً في دعمهم لتحقيق أهداف اقتصادية وتنموية بتسخير كافة الإمكانات، حتى شب القطاع الخاص السعودي عن الطوق.
واستمر دور ووضع الغرف منذ تأسيس «أم الغرف» بجدة ،، على هذا النحو ،ولا عجب فالذين شيدوا أم الغرف رجال عصاميون بنوا بصمت أقدم غرفة في المنطقة ،فقد كان همهم حماية مصالح كل التجار والمُصنعين وتمثيلهم بصدق خدمة للاقتصاد الوطني وتعزيز مكانته ومتانته. حينها كان الشعار أن الذي يضر بالتاجر الصغير يضر بكل عضو في مجلس الإدارة والعكس صحيح ،، ومن باب المقارنة أَجِد نفسي محتاراً في وضع الغرف عامة وغرفة جدة خاصة ،، فخلال عقد من الزمن شهدت ظهور منشآت أصبحت عملاقة وإن ارتبط عملها بالعقود العامة، ومن يمتلكون تلك الإمبراطوريات وجوه في بعض غرف التجارة والصناعة،، ولكن ما يثير الاستغراب انعزالهم عن هموم شريحة التجار من تشارُكِ الهموم لا المصالح! لهذا يدور همس حول أدوارهم الجديدة في الغرف وحول محاولاتهم الترويج لصورة مختلفة عنهم ولأدوار الغرف مع زعم بأنهم أفضل من يمثل مصالح القطاع الخاص بينما القطاع الخاص يقوده عصاميون مثابرون ونهجهم أن من يمثلنا هو الذي نحت الصخر ولم يعتمد على عقود تمنح أحياناً على غير قياس معياري.
إن التجار والمصنعين يشتكون اليوم من أوضاع غرف لا تمثلهم ،، غرف تبدو وقد تغيرت أدوارها ، بادعاء كم هائل من المبادرات لكنها على أرض الواقع غير متصلة بمصالح من تسبيها وخاصة بتحسين أداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة أو حتى الكبيرة بينما مصالحها متصلة بالضرورة بمصالح الشارع كما حبل الوريد،، لهذا شرع البعض يطلق اسم ‹ هوامير» الغرف « بافتراض أنهم بنوا سراباً لتغطية ممارسات تعكس مسحة من «المحسوبية» وهناك من يفترض ممارسات أقرب لـ «رباطيه» ،، وآخرون يشيرون إلى أذرع أخطبوطية تمتد إلى كل ركن لتحمي مصالحها وتضمن استمرار «الحيل» ،، وأياً تكن درجة صحة هذه الافتراضات فإنه في مثل هذا الوقت يتطلع القطاع الخاص لانتشال الغرف بتصويب توجهاتها ، وبسماع هموم كل تاجر ومُصنِّع ولو بطرح سؤال بسيط: «ماذا تقدم لك الغرفة أو ما الذي قدمته لك من نفع مباشر ؟» فستكون الإجابة «لا شئ» . وأفضل مكان لسماع رأي قطاع الأعمال السوق بمقابلة التاجر والمُصنِّع الصغير والكبير، فمسح آرائهم سيوضح صورة الذين يرفضون أن يكون لهم أي صلة مع صغار التجار وكبارهم . فمن يقود الغرف لابد أن يعي دورها ، باجتناب الغرق في سكرة الصيت.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/05/01