الذكاء العاطفي Emotional Intelligence
منصور الجمري
واحدة من معالم الشخصية القيادية الفعالة هي امتلاك تلك خاصية «الذكاء العاطفي» Emotional Intelligence. هذا الذكاء يتمثل في قدرة القائد على السيطرة على عواطفه، وفهم عواطف الآخرين، والسيطرة على مشاعره بما يؤهله لإبراز ثقة كاملة بالموظفين العاملين معه، وأن يستمع إليهم، ويسهل عليهم التحدث إليه، ويتمكن من اتخاذ قرارات واعية مهما صعبت الظروف.
إن القدرة على فهم وإدارة العواطف الخاصة بالشخص، وتلك العواطف المرتبطة بالناس من حوله، أمر ضروري للنجاح، ذلك لأن أسوأ شيء هو أن ترى قائداً يصرخ في فريقه عندما يكون تحت الضغط، وبالتالي يفقد السيطرة على هدوء أعصابه، ما قد يدفعه لاتخاذ القرار الخاطئ، ويوتر أجواء فريقه بدلاً من توجيههم نحو البيئة المنتجة.
مفهوم الذكاء العاطفي كان مطروحاً منذ فترة طويلة، ولكن يعود الفضل في نشره عالمياً إلى عالم النفس، والصحافي بصحيفة «نيويورك تايمز» دانيال جولمان Daniel Goleman، والذي كتب عنه في 1995.
وبحسب جولمان، فإن هناك خمسة عناصر رئيسية للذكاء العاطفي، وهي: الوعي الذاتي self-awareness، التنظيم الذاتي self-regulation، التحفيز motivation، التقمص العاطفي empathy، والمهارات الاجتماعية social skills.
«الوعي الذاتي» يتطلب من القائد أن يكون عارفاً بنفسه وميوله ومشاعره، ويعرف أيضاً كيف يمكن لعواطفه أن تؤثر على الناس من حوله إيجاباً أو سلباً، ولديه صورة واضحة عن نقاط القوة والضعف الخاصة به، ولديه إرشادات وتعليمات (في داخل نفسه) يتبعها للتصرف بحكمة وتواضع مع الآخرين، من دون انفلات في الغضب ومن دون إفساح المجال لمشاعره القوية بداخله أن تسيطر على مواقفه مع الآخرين.
«التنظيم الذاتي» أمر مهم للقادة للإمساك بأعصابهم وألّا ينطقوا بأي شيء يؤدي إلى أفعال غير مناسبة أو مهاجمة الآخرين لفظياً، أو اتخاذ قرارات متسرّعة تحت ضغط المشاعر، أو النظر إلى الآخرين بصورة نمطية، أو اختراق القيم، أو أي شيء يخرجه عن السيطرة على وضعه.
«التحفيز» بالنسبة للقادة الفعّالين يعتبر ضرورياً، إذ إن دوافعهم الذاتية من المفترض أن توجههم نحو تحقيق أهدافهم باستمرار، وهذا يتطلب أيضاً أن تكون لديهم مستويات عالية للغاية بالنسبة لجودة عملهم. القائد المتحفز لعمله تراه متفائلاً دائماً، وتراه يبعث الأمل في نفوس من يحيطون به، وتراه مبادراً نحو التطوير والتجديد.
«التقمص العاطفي» يتطلب من القائد أن يتصور نفسه فيما لو كان يعيش ظروف الشخص الآخر الذي يقابله. وهذا التقمص العاطفي أمر بالغ الأهمية لإدارة الفريق أو المؤسسة بصورة ناجحة، والقادة الذين يمتلكون مستويات عالية من التقمص العاطفي لديهم القدرة على تصور أنفسهم في حالة الشخص الآخر، وهذا يساعده على تطوير الناس في فريقه، وتحدي الآخرين الذين يتصرفون بشكل غير عادل، وإعطاء تغذية راجعة بناءة constructive feedback لمن يعمل معه. كما يتمكن القائد الذي يستشعر أوضاع الآخرين من الاستماع إليهم بصورة إيجابية، واكتساب احترامهم وولائهم، وإظهار الرعاية لهم.
«المهارات الاجتماعية» تتطلب من القائد أن يمتلك مهارات اتصالات كبيرة، وأن يكون لديه استعداد لسماع الأخبار السيئة والأخبار السعيدة، وترى القائد الفعّال لديه خبرة في تحصيل دعم فريقه وتحفيز أفراد الفريق نحو أداء المهمات وتنفيذ المشاريع الجديدة.
إن جزءاً لا يتجزأ من المهارات الاجتماعية هي امتلاك القائد القدرة على إدارة التغيير وحل النزاعات بالطرق الدبلوماسية، وأن يكون دائماً القدوة الحسنة للآخرين.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2015/12/11