غزة صنعت أنتجت ابتدعت
عبدالعزيز معتوق حسنين
لماذا سمي الديزل «ديزل» ولماذا سميت ماركة من السيارات ينتهي اسمها بـ«بنز» وبـ«ديملر» وسميت القوة الكهربائية «فولت»؟ وكثير من هذه الأسئلة القليل منا يعرف الأجوبة عليها بكل أسف لا يهمهم معرفتها، نتعلم فقط ما يملأ بطوننا وجيوبنا لا غير. لماذا سمي الكاربريتر بهذا الاسم؟ الجواب أن كل هذه المخترعات سميت بأسماء من اخترعها أو اكتشفها أو ابتدعها أو صنعها. على قاعدة «الحاجة أم الاختراع»، صنعت الضغوط المرتبطة بالاحتلال الصهيوني وتفاصيله من شباب غزة نعم غزة ليس أمريكا ولا ألمانيا ولا بريطانيا بل غزة صنعت جيلا مفكرا صنع أنتج وابتدع يسعى جاهدا لإيجاد حلول للمشاكل والأزمات المتراكمة في بلده، فأصبحت تلك الأزمات وقودا محفزا لهذا الجيل للبحث عن مفتاح لكل عقدة وحل لكل أزمة، ومن تلك الحلول التي ابتدعها الغزيون، إنتاج الفحم الحيوي من المخلفات الزراعية. صاحب حكاية إنتاج الفحم الحيوي من المخلفات الزراعية بالطرق الحديثة عبر الأفران المغلقة، هو المهندس الميكانكي حسن زايد عمره 43 عاما، تنبه إلى ضرورة الاستفادة من الكميات الكبيرة للمخلفات الزراعية ونحن نملأ حاويات النفايات بالطعام، فأنشأ ما يشبه المعمل الكيميائي بإمكانيات بسيطة لإنتاج الفحم الحيوي بداية من آلات صممها بنفسه مرورا بـ«الجفت» مخلفات زيت الزيتون ونحن نرمي الخبز في صناديق القمامة، وانتهاء بالفحم الحيوي دائري الشكل والمعطر والصابون.
بدأ المهندس زايد مشروعه في بيت لاهيا بجمع المخلفات الزراعية وتمكن من استخلاص مواد صالحة للاستخدام وإعادة التدوير بنسبة 70%. يقول المهندس زايد إنه يصدر الفحم الحيوي إلى العديد من الدول المتقدمة خاصة دول شرق آسيا، كاليابان، في تسميد التربة وصناعة الأعلاف، ومكافحة الآفات الزراعية، ويحد من التلوث، ويتميز أيضا بدوره الفعال في إزالة الملوثات، وانخفاض انبعاث غازات الدفيئة. ويعتقد العلماء أنه سيكون للفحم الحيوي فوائد عدة في مساعدة المزارعين في جميع أنحاء العالم، والمناطق النامية الأخرى، الذين غالبا ما يجدون أنفسهم في صراع مع التربة الفقيرة.
يعمل الباحثون على اكتشاف أساليب رخيصة وفعالة لصنع بنى لا تتجاوز أبعاد الواحدة منها بضعة أجزاء من بليون من المتر. قانون «اصنعها صغيرة» أمر قد غير العالم، إن تطور الإلكترونيات الميكروية الصغرية microelectronics الترانزستورات أولا ومن ثم تجميع الترانزستورات في معالجات ميكروية صغرية microprocessors، وشيپات ذاكرات memory chips، ومتحكمات controllers أحدث وفرة من الآلات التي تعالج المعلومات عن طريق سريان الإلكترونات في السيليكون. وتعتمد الإلكترونيات الميكروية على تقنيات تصنع بشكل روتيني بنى structures يضاهي صغرها 100 نانومتر أي جزء من بليون من المتر. إن هذا الحجم صغير جدا بمعايير الخبرات اليومية نحو واحد في الألف من عرض شعرة إنسان لكنه يعد كبيرا بمقياس الذرات والجزيئات، إذ إن قطر سلك عرضه 100 نانومتر يمتد فوق نحو 500 ذرة من السيليكون. فالأفكار في هذا المضمار تأتي من اتجاهات عديدة في اكتشافات عجيبة متاحة للجميع ليس فقط لشباب غزة بل لكل من كرمهم الله بأرقى وأغلى وأعظم كرم وهو العقل. فعلينا أن نقتدي بشباب غزة ونبدأ نصنع وننتج ونبتدع. يقول عز وجل: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)... إلى آخر الآية.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/05/12