تمرد العاملات المنزليات وضياع حقوق المستقدم
محمود إبراهيم الدوعان
ملف الاستقدام شائك مثل ملف الإسكان، فكلاهما يُراوح مكانه دون تقدُّم يُذكر، والناس تعاني مع مثل هذه الملفات، لأنها لم تُحسم بعد منذ عدة سنوات، وملف الاستقدام أشد تعقيدًا لأنك تتعامل مع بشر مختلفي الأهواء والنفسيات، ومن مشارب مختلفة، كذلك تتعامل مع أباطرة وسماسرة في معظم دول الاستقدام، لذلك عانى هذا الملف من كثرة اللجان وكثرة المفاوضات، ولم نرسِ معه على بر حتى الآن.
تضاعفت أسعار الاستقدام عن ذي قبل بشكلٍ لافت، ووصلت رواتب العاملات مع قدوم الطفرة إلى مبالغ خيالية، وأصبح المواطن بين المطرقة والسندان من جحف معظم مكاتب الاستقدام وارتفاع أسعارها بشكلٍ كبير مع التأخير للعمالة لأكثر من سنة، ومع تعامل مكاتب الاستقدام في الدول المصدِّرة للعمالة، وزيادة تكاليفها والضغط بشكلٍ كبير من أجل تحقيق مكاسب خيالية حتى يُمرّر العمالة للعمل في المملكة.
جاء نظام الشركات في توفير العمالة في المملكة كما هو معمول به في بعض دول الخليج العربية والتي كان لها سبق العمل في هذا المجال وبأسعارٍ مناسبة لسكانها، ولكن معظم الشركات العاملة لدينا اتّصفت بالمغالاة في الأسعار، وبشكلٍ لا يقدر عليه المواطن البسيط، أو حتى صاحب الدخل المتوسط، سوى ميسوري الحال من ذوي الدخول المرتفعة، ولذلك تجد كثيرًا من المواطنين يقترض من أجل توفير عاملة منزلية تُريحه من عملية البحث في السوق السوداء، التي لها أباطرتها وسماسرتها أيضًا، من أجل توفير عمالة متدنية المستوى، ومجهولة الهوية، وغير مُدرَّبة، بل قنابل موقوتة تدخل بيوتنا حتى تُمارس العمل في البيوت وبأجورٍ باهظة، وكما يقولون «مُكْرَه أخاك لا بطل».
المعضلة تكمن في العمالة الرسمية التي تستقدم بتأشيرة حكومية عن طريق أحد المكاتب وتُكلِّف المواطن الشيء الكثير (أكثر من 20.000 ريال)، وبعض المكاتب تفوق هذا الرقم، ويأخذ استقدام العاملة نحو سنة حتى تصل، ثم تأتي وهي مُدرَّبة على العصيان، وبعد انقضاء فترة التجربة (انتهاء الثلاثة أشهر)، ترفض العمل، أو تُضرب عن الطعام، وتلزم غرفتها، وتطلب السفر لبلدها حتى يقع الكفيل في حرجٍ كبير في كيفية التصرف مع هذه الحالة، المكتب يتهرَّب من المسؤولية ، ولا يوجد نظام واضح وصريح يحميك ويضمن حقوقك تجاه هذه السلوكيات، والكل يتنصَّل من المسؤولية، والكفيل ملزم بشراء تذكرة لها وتسفيرها على حسابه الخاص.
المضحك المبكي في الأمر أنك تُسفِّر العاملة «خروج نهائي»، ومن ثم هي نفسها تعود بعد شهر أو شهرين للمملكة دون أدنى عقوبة، مثل المنع من دخول البلاد لمدة خمس أو عشر سنوات، حتى يتّعظ الآخرون من بني جلدتها، ومَن على شاكلتها، وحفظًا لحقوق الناس من الهدر والضياع، وردعًا للمستهترين من أصحاب الضمائر المتردية والسماسرة العابثين بحقوق مواطنينا الطيبين، وحفظها من عبث الفاسدين في الداخل والخارج.
صحيغة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/05/12