حتى الآن التوطين يزحف
عبد العزيز المحمد الذكير
أظنها جاءتنا من مصر ومن جذر تركي، أقصد كلمة " الميري " والتي تعني العمل لدى الدولة كموظف. ومنذ عهد العثمانيين فالوظيفة الحكومية ميزة وربما أبّهة. وطالنا ذاك الشعور في المملكة في بدايات تكوين العمل الإداري الرسمي . أحبه الناس وجزموا أن ( أي العمل الحكومي ) جبل يعصمهم من الفقر والحاجة، ودرج عبارة ( دخل ثابت ) – لها رنين تعزف على وتر الشعور .
حسنت نية القطاع العام في بدايات تكوينه واستقبل وطبق أنظمة هي في صالح الفرد (الموظف) أكثر منها في صالح العمل وتحدث الكثير من العارفين عن "زيجة نصارى" أو كما يقول التعبير الحديث زواج كاثوليكي ..لا فكاك منه .
موظف القطاع العام الذي أمضى في خدمة الدولة أكثر من خمس عشرة سنة يستكثر حرمانه من راتب تقاعدي عند إكمال نصف المدة.. أو أكثر. لذا فهو يقبل الوظيفة وليس العمل ، فهناك فرق كبير.
والجميل في التطور الزمني الذي لاحق الأمن الوظيفي هو اعتماد المدة الزمنية في كلا القطاعين يمكن دمجها، وتلك نقلة جعلت ( الميري ) لا يفرق كثيرا عن القطاع الخاص من حيث التقاعد .
انتقال الموظف إلى القطاع الخاص جعله يعرف أشياء أخرى كثيرة غير " المكرم مدير ..إشارة إلى خطابكم ..حول ...".الجامعي أو الشاب الآتي من كراسي الجامعة لايعرف في معظم دوائر القطاع العام غير ذلك . خصوصا خريجي العلوم النظرية .
إنني متأكد أن وكيل الوزارة الذي جاء ذكره أعلاه يعني مايقول ومتأكد أيضا أن التكدس أو الإغراق الوظيفي في معظم الدوائر الحكومية حافزه الوحيد هو أمان الموظف من الفصل وغيره، وقصور القدرة على معاقبه المقصر من قبل رؤسائه وصعوبة إيقاف الترقيات ومايتبع ذلك من شفاعات ووساطات، كل هذا وأغلبه موجود فقط في القطاع العام وأثره قليل أو معدوم في القطاع الخاص .
دوام القطاع الخاص الطويل يجعل الشاب يفضل الدوائر الحكومية حتى لو مر عليه شهر دون أن يسطر مذكرة واحدة. راتب ثابت ..ترقية دورية..ومن دخل القطاع العام فهو أمن..!.
وقد تحدث غيري وكتب ..وأجاد الكثيرون في طرح أكثر من معوقات السعودة وفي الأيام الأخيرة رأينا الدولة جادة في هذا الطريق والطروحات التي نزلت في أعمدة صحافتنا اليومية والأسبوعية كافية لوضع المتحمسين والمشرعين في الطريق الصحيح. فكل ماطرح هو جاد، وفي قدر وافر من واقعية التصور.
وتحمس أكثر من مسؤول في الصدارة على وجوب إعادة النظر في تقييم العمل والأداء وظهرت له " للمسؤول " أنظمة بنى العنكبوت لها سجناً..!. وهي تلك الأنظمة التي تعطي للمقل وغير المجيد نفس الدرجة الوظيفية التي يحتلها جراح المخ وأستاذ الجامعة ولو بحثنا بين المسمى والأداء لرأينا العجب العجاب.
أليست هذه الأمور كلها أو بعضها من معوقات السعودة؟!
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/05/16