مع الأحداث الساخنة... انخفاض أسعار الذهب والنفط والمعادن!
عبد الرحمن الخريف
عندما تكون هناك ضبابية في المشهد الاقتصادي العالمي بسبب أحداث متسارعة سياسية واقتصادية وعسكرية مع وجود تباين في تقارير المنظمات الدولية والخبراء العالميين، فأن العمل وفق النظريات الاقتصادية للدول والأفراد قد لا يكون مناسبا بسبب عدم وضوح التوجهات من جانب ومن جانب آخر ما نلحظه من عدم الاستقلالية والتوجيه بالتقارير المنشورة لمنظمات ومراكز عالمية وحتى الصحفية تجاه نسب النمو والمصاعب الاقتصادية للدول إثر على الثقة بها وأهدافها وخصوصا مع تباين تقاريرها خلال فترة قصيرة.
ومع القناعة بوجود الاختلاف بالرأي حيال مانراه من أحداث وأن مانراه جميعا يبقى تكهنات بسبب تلك الضبابية تجاه حقيقة التوجهات وعدم الشفافية عنها، فانه مع معرفتنا بأن تسارع الأحداث السياسية والعسكرية عالميا وبالشرق الأوسط على وجه الخصوص ترفع أسعار النفط والذهب، مازالت هناك تساؤلات حيال مايحدث ونحن نرى منذ أكثر من عام تسارع انهيار أسعار النفط والذهب والمعادن حتى مع زيادة سخونة الأحداث بالمنطقة بالفترة الأخيرة حتى في ظل ارتفاع نسبي للدولار وما يواجهه الريال من ضغوط بعدما كنا نطالب قبيل سنوات برفع قيمة الريال بسبب ضعف الدولار! ومع أن المملكة سبق أن مرت بفترات اقتصادية عصيبة وتغلبت عليها بفضل الله، إلا أن تسارع الأحداث وعدم منطقية التبعات الاقتصادية والمالية عالميا برزت التساؤلات أكثر بدول المنطقة مع قرب إعلان الميزانيات للدول والبنوك والشركات وخطط التحوط وكيفية تغطية العجز بالميزانية وتدبير السيولة للجهات المتعاقدة للوفاء بعقودها في ظل عدم معرفة بالمدة الزمنية لتك الضبابية والتأثير الفعلي لانخفاض أسعار النفط على حجم الإيرادات وأساليب تدبير العجز!
وكمستقبل قريب وبعيدا عن ماينشر بشأن موقف أوبك ومنها دول خليجية بالرفض لتخفيض إنتاج النفط لدعم الأسعار وأسباب ذلك فان الحقيقة المغيبة هي فقدان أوبك لتأثيرها على أسعار النفط حاليا لكون الإنتاج العالمي اليومي يفوق (92) مليون برميل بينما إنتاج أوبك فقط (30) مليون برميل وانه مع انخفاض النمو العالمي ووجود مصدرين لا يمكن السيطرة على كميات إنتاجهم - مع رفع الحظر واستقرار دول أخرى - وأن أي تخفيض في إنتاج أوبك لن تكون له فائدة وسيدفع المصدرين الآخرين لرفع إنتاجهم، وأيضا فما يقال بالتأثير على استكشافات النفط الصخري وإنتاجه المكلف فانه لم يعد مؤثرا بسبب أن التقدم التقني في آليات الحفر قد ساهم في تخفيض تكلفة الإنتاج لدى كبريات الشركات الأميركية، واختصرت مدد الحفر وما ينشر عن انخفاض عدد الحفارات فهو يتعلق بشركات لم تتوفر لديها القدرة لاستخدام تلك التقنيات وستفلس وتستحوذ على مناطقها الشركات الكبرى كتكتل يدعم الاحتكار! وهناك توقع كبير بأن دخول الصين لتطوير تلك التقنيات قد يخفض التكلفة أكثر، وهو مايشير إلى توجهات جديدة مستقبلية لا تعتمد على النفط التقليدي ليبقى للاستهلاك المحلي المتزايد وقد يبرر مع ضعف النمو العالمي استمرار انخفاض أسعار النفط، ومع الاهتمام بمصادر دخل جديدة فربما هناك ما يدعو لتغيير كلي بالسياسات النقدية للدول التي تعتمد كليا في إيراداتها على أسعار النفط! فالتوجه الجديد بإصدار السندات بالريال السعودي كان ربما فيه استشراف المستقبل برؤية أخرى مختلفة عن أذهاننا وليست لها علاقة أساسية بسحب السيولة المحلية ولكنها وفق المتوفر من معلومات وأحداث مازلنا نراها، وخصوصا أن الاحتياطيات وإيرادات النفط بالدولار والإنفاق الحكومي بالريال بما فيها العقود والرواتب التي من المؤسف أن البعض يراها عالية! ومع أن لدى البعض آراء منطقية تدعو لإصدارها بالدولار كإستراتيجية، إلا أنه قد تكون هناك مبررات أخرى لدفع فوائد السندات والقروض بالريال والاستفادة من تحويل الاحتياطيات لسد الاحتياجات بالعملة المحلية، ويبقى أن الضبابية في الوضع العالمي والمحلي والتبعات غير المنطقية اقتصاديا ستؤثر وبقوة على النمو بسبب حالة التردد في قرارات الاستثمار في نوعية النشاط والعملة، وطول تلك المدة بدون تلافي الغموض هو الذي سيرفع من تأثير القرارات على المستثمر والمستهلك.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2015/12/13