هل يتم تحفيز السوق المالية بخفض عمولة التداول؟
خالد بن عبدالعزيز العتيبي
الأصداء التي خلفها قرار شركة السوق المالية السعودية "تداول" قبل يومين والمتعلق بالموافقة على تعديل وحدات تغير السعر للأوراق المالية كانت واسعة في أوساط المتعاملين والمستثمرين في سوق الأسهم، وبالطبع فإن أغلبها يميل إلى التشاؤم من ذلك القرار.
كان من الأفضل أن تتحرر آليات التسعير من النطاقات السعرية، وأن تزال تماماً، وذلك كسائر الأسواق المالية الأخرى سواء كانت متقدمة أم ناشئة، وأن يتم العمل بنظام الوحدات المتساوية من أجزاء العملة، خاصة أنه من ضمن متطلبات الترقية إلى الأسواق الناشئة، والدخول في مؤشر الأسواق الناشئة MSCI، نظراً لما يحققه من كفاءة في التسعير، ولعل أقرب ما رأيناه هو توجه بورصة الكويت نحو إلغاء النطاقات السعرية والعمل بنطاقات وحدات عملتها بالتساوي كالفلس وأجزاء الفلس في تسعير أسهمها وذلك سعياً منها للوفاء بأحد متطلبات الانضمام إلى الأسواق الناشئة.
ما أستغربه هو أن القرار المتخذ يتعلق بتطوير آلية التسعير، وما ماثل هذه القرارات التي تتعلق بالتطوير كان ينبغي أن يصدر أساساً من قبل هيئة السوق المالية، لأنه من صميم عملها، وهي التي تحظى بثقة المستثمرين في ما يتعلق بالجوانب الإشرافية والرقابية والتنظيمية والتطويرية، وذلك وفق ما كفله لها النظام؛ حيث أن لديها كوادر متخصصة في هذا الشأن، وتسعى للوصول إلى أهداف تطويرية متعددة ترفع من ترتيب السوق المالية، وبالتأكيد فإن كل قرار يتعلق بالتطوير يتخذ عن طريقها سوف يحظى بالتقييم الذي يستحقه، وإعطاءه حقه من الدراسة المستوفية والمعالجة الصحيحة.
كان يجب أن لا يصدر ذلك القرار من قبل شركة السوق المالية، وذلك لأنها طرف خاضع لإشراف هيئة السوق المالية، وهي وكما يعرف الجميع شركة مساهمة، وهي الوحيدة المصرح لها بتداول الأوراق المالية، وهي كما نصت المادة 20 من نظام السوق المالية معنية بالمسائل التشغيلية للسوق، وليس هناك ما ينص في النظام أنها معنية بالجوانب التنظيمية والتطويرية، لأن تلك من المهام الأساسية لهيئة السوق المالية،وأحكام نظام السوق المالية فصلت بين المنظم والمشغل على حد سواء.
ما أريد أن أختتم فيه هذا المقال، هو أن "تداول" كشركة مساهمة مُشَغِلة للسوق المالية تسعى إلى الربحية دائماً، وما جرته للسوق من ركود وعدم جذب للأموال للسوق المالية جراء سعيها لأجل تعظيم أرباحها عند طرح أسهمها من خلال اقتراحها لمنظم السوق برفع عمولة التداول كانت نتائجه عكسية،ومن يذهب للقيمة الإجمالية لكل شهر من الأشهر الماضية ويقارنها بالأشهر المماثلة لما قبل تطبيق رفع العمولة سيجد أنها نتائج جسيمة، وربما لم تتحقق الأهداف التي من أجلها تم الرفع،ولتصحيح تلك النتائج السلبية فإنه حان الوقت للاقتناع بأن خفض عمولة التداول هو القرار الصائب والمحفز للسوق المالية، وأنه سوف يعيد من جذب الأموال والحيوية إليها كما كان سابقاً، فالآمال كبيرة ومعلقة على هيئة السوق المالية.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/05/25