كيف غير ترامب رأيه والتقى الأمير بن سلمان.. وما هي الصفقة الحقيقية التي فاز بها في الرياض؟
بسام أبو شريف
لم يكن اختيار دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية لتكون أول دولة يزورها بعد جلوسه على عرش واشنطن، مصادفة، أو مزاجاً.
بل كان اختياره للرياض محطته التي تحمل عنوان إعادة بناء قوة الولايات المتحدة لتستمر الدولة التي تقود(وتخضع) العالم انفرادياً.
وعكس انطباع بعض المحللين الأمريكيين، فان طاقم ترامب انكب منذ وصوله للبيت الأبيض على وضع الدراسات وإجراء الحسابات اللازمة لانتزاع المكاسب المالية والسياسية واللوجستية والإسرائيلية من زيارة دونالد ترامب الأولى لدولة خارج الولايات المتحدة.
واعتبرت عملية التحضير والحسابات بعض التوترات والتعارضات مما دفع ترامب إلى عدم الموافقة على اللقاء بمحمد بن سلمان (ولي ولي العهد) لدى زيارته الرسمية لواشنطن بدلاً من ابيه.
لكن عدم موافقة ترامب (المحسوبة النتائج) سرعان ما تغيرت إلى موافقة حارة إثر تدخل أحد رجال الأعمال السعوديين الذي تربطه بدونالد ترامب علاقة “أعمال” وثيقة وتم خلال اتصال رجل الأعمال هذا بدونالد ترامب الاتفاق على صفقة تاريخية تصل إلى 500 مليار دولار، وهذا ما كان يريده دونالد ترامب من ممارسته الابتزازية برفضه اللقاء مع محمد بن سلمان.
بالنسبة للأمير سلمان، كانت موافقة ترامب على استقبال ابنه، ذا أهمية إستراتيجية، فقد من ذلك أن يكرس ابنه محمد ملكاً قادماً بدلاً من محمد بن نايف.
وكان يريد ان تكون هذا المقابلة الرسمية منصة للقيام بانقلاب عائلي يشطب فيه مرحلة الوهابية الأولى (أولاد عبد العزيز) ويبدأ معه مرحلة الوهابية الثانية ” آل سلمان”.
وبالفعل وبعد عودة محمد بن سلمان من واشنطن (متأكداً من دعم الولايات المتحدة) قام بإجراء انقلاب عائلي أطاح بأفراد الأسرة من (آل عبد العزيز آل سعود)، الذين كانوا يشغلون مناصب حساسة وذات تأثير على النفط والطاقة والمال والسياسة، وعيّن بدلهم أخوة له أو من يعدون من آل سلمان.
وبدأ ذلك بمنصب سفير العائلة السعودية لدى واشنطن، وذلك يتضمن أن صلة وصل محمد بن سلمان مع واشنطن هي صلة مباشرة وضمن سلالة سلمان وليس عبد العزيز.
دعم ترامب للوهابية الثانية، وهابية آل سلمان، كان له ثمن كبير، فقد قدم ترامب لمحمد بن سلمان فاتورة قد يصعق المرء عند رؤية أرقامها لكن محمد بن سلمان وافق برحابة صدر ووقع الاتفاق.
وجاء الاتفاق “صفقة عمر” كما سماها دونالد ترامب همساً في أذن صهره كوشنير – الصهيوني اليهودي – زوج ابنة ترامب الذي يعتبر نتنياهو رجلاً معتدلاً !!.
ما هي صفقة العمر ؟.
صفقة العمر هي الصفقة التي توصل إليها دونالد ترامب مع سلمان وابنة وستمكنه من خداع الشعب الأمريكي بأنهاء البطالة نتيجة استثمار مال العرب المنهوب من أسرة عميلة للأميركان ومدعومة من قبلهم.
إذا تم الاتفاق على أن تنفق العائلة مئتي إلى ثلثماية مليار دولار استثماراً في الولايات المتحدة يحدد ميادينه دونالد ترامب ، ويمتص من خلال هذا الاستثمار البطالة في الولايات المتحدة .
والبند الرئيسي الثاني هو توقيع عقد شراء أسلحة بقيمة مئة مليار دولار وهذا أكبر دعم يقدم للتجمع الصناعي العسكري الأمريكي صاحب قرار شن الحروب على الشعوب.
وسيذهب جزء من هذه الصفقة قد يصل إلى 20% لإسرائيل تحت عنوان شراء صواريخ وأنظمة دفاع جوية توصي بها الولايات المتحدة.
وماذا تريد وهابية آل سلمان مقابل نصف ترليون دولار من مال الأمة العربية المنهوب؟
قدم محمد بن سلمان عناوين طلبات آل سلمان وراحت فرق الخبراء تعمل بلا كلل لبلورة هذه العناوين في خطط عمل وآليات تنفيذ.
وكلف أكثر من صهيوني عريق بالأشراف على الفرق، ومنهم وزير الدفاع ووزير الخارجية ووكيل وزير الخارجية الصهيوني العريق ابرامز الذي وضع سابقاً مخطط تدمير سوريا والعراق.
ونلخص ميادين التعاون في النقاط التالية:
1- التصدي لإيران وحظر إيران وتصنيف إيران كالدولة الأولى في العالم الداعمة للإرهاب.
2- وهذا يعني أن إيران هي العدو الرئيسي وان فصائل المقاومة كلها (التي ترفض المخطط الأمريكي الصهيوني) هي تنظيمات إرهابية يجب محاربتها.
3- تنظيم الحرب على الإرهاب. وهذا يعني الحرب على إيران والجيش العراقي والسوري وفصائل المقاومة ومنها حزب الله، والحشد الشعبي، وفصائل المقاومة الفلسطينية والمقاومة اليمنية والجيش العربي اليمني وكل فصيل وطني وقومي مناهض لإسرائيل وأمريكا والذين يدورون في فلكها.
4- إلغاء اعتبار إسرائيل العدو، وتحويل الصراع الى صراع مع إيران بما يعني ان تتحالف العائلة السعودية وحلفائها مع إسرائيل لمواجهة العدو الإيراني.
5- أن ترعى الولايات المتحدة تسريع تنظيم وتطبيع العلاقة مع إسرائيل بحيث يتم خلف الأجواء والاطر المناسبة لإنشاء حلف شرق أوسطي تشارك فيه إسرائيل بشكل رئيسي، أشبه بحلف الناتو وتقوم الولايات المتحدة والناتو بتدريب قواته وتسليحها ورسم خططها العسكرية لمحاربة ما يسمونه الإرهاب أي إيران وفصائل المقاومة وسوريا والعراق واليمن.
6- أن تدعم الولايات المتحدة عسكرياً (قبل إنشاء الحلف الجديد) التحالف السعودي ضد اليمن وسوريا وان تحكم قبضتها على الجيش العراقي الذي ترى السعودية فيه خطراً على المملكة في ظل نفوذ إيران عليه.
وأن تمنع الولايات المتحدة أي التقاء أو تعاون بين الجيشين السوري والعراقي وذلك بقطع الطريق على أي اتصال بينهما عبر الحدود العراقية السورية وذلك بالهيمنة على الحسكة والرقة ودير الزور.
(وأكد بذلك محمد بن سلمان أن العائلة حريصة على إلا تهدد إيران براً ” إسرائيل” عبر لقاء الجيشين السوري والعراقي).
أما فلسطين فقد أبدى محمد بن لسمان استعداد العائلة للاعتراف بإسرائيل وإقامة سلام وتعاون معها وان السعودية لا تمانع في انضمام إسرائيل لحلف يتصدى لإيران وان تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وطلب تأجيل نقل السفارة للقدس لما بعد زيارة ترامب للرياض وبعد اللقاء الذي سيرعاه ترامب بين نتنياهو ومحمود عباس والذي سيعقد دون شرط بما في ذلك تهويد المسجد الأقصى والتمدد الاستيطاني وقانون استملاك اليهود لأملاك العرب والجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال يومياً ضد الأطفال والنساء والشعب الفلسطيني بأسره.
هجوم أمريكي من نمط جديد، وأعلن عنه بغارة جوية ضد مواقع الجيش السوري على أرض سوريا!!.
فهل بقي ضرورة بأن نذكر بما قلناه من أن إستراتيجية خلق إسرائيل قوة عظمى امبريالية في الشرق الأوسط، تتطلب إستراتيجية مختلفة نوعياً في الدفاع عن النفس.
الهجوم هو أفضل وسائل الدفاع عن النفس في ظل هجمة دونالد ترامب الذي قال عن جداره ” لن يحصل لإسرائيل شيء أفضل من انتخابي رئيساً للولايات المتحدة”.
لقد وقعت الوهابية الأولى بتوقيع عبد العزيز آل سعود على موافقة ” إعطاء فلسطين لهؤلاء اليهود المساكين “
واليوم تكون الوهابية الثانية آل سلمان بإعطاء إسرائيل القدس ومسرى النبي وأولى القبلتين وما تبقى من ارض فلسطين بين بحرها ونهرها.
كاتب وسياسي فلسطيني
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/05/26