جولة ترامب ناجحة.. ولكن!
د. جيمس زغبي
إذا أردنا أن نصف نتائج جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة، يمكن القول إنها حققت نجاحاً كبيراً في الرياض، وإثارة مشاعر في الأرض المقدسة، ونجاحا محدودا في الفاتيكان، وتخبطا وكارثة في بروكسل.
ولا بد أن البيت الأبيض يشعر بالارتياح لنتائج الجولة لأنه يعتقد أن ترامب حقق عدداً من الأهداف الهامة، فقد نجح في تحسين العلاقات المتوترة مع الحلفاء في الخليج العربي وإعادة الثقة معهم، بما أدى إلى تدفق المليارات على شكل مبيعات أسلحة واستثمارات في البنية التحتية، وقد ترك إسرائيل في حالة انتعاش، والسلطة الفلسطينية مبتسمة، على الرغم من الإجابات المراوغة بشأن القدس والمستوطنات والدولة الفلسطينية، وأبدى في الفاتيكان احتراماً كبيراً للبابا ووعد أن يضع في اعتباره توصيات البابا فرنسيس بشأن البيئة والهجرة والفقر.
وبعد أن أسمع الجهات التي استمعت إليه ما يحلو لها، يبدو أن الرئيس ترامب اتخذ مساراً مغايراً في أوروبا حين هاجم الحلفاء الأوربيين لفشلهم في تحمل الأعباء الدفاعية ووقف أي التزام أميركي بأمن حلفاء الناتو، لقد كانت بروكسل المحطة الوحيدة التي تحدث فيها ترامب لإرضاء الداخل الأميركي وربما روسيا، بدلاً من إرضاء الجمهور المستمع.
وباستثناء بعض السقطات فقد سارت رحلة ترامب كما كان مخططاً لها، والآن وقد عاد الرئيس إلى واشنطن فإن العمل الجاد سوف يبدأ، وتفاقمه حقيقة أن الرئيس يعود لمواجهة عدد من الأزمات يفوق ما تركه قبل المغادرة.
وتبقى مسألة صلات الرئيس بروسيا في المقدمة، حيث تطرح المزيد من التساؤلات حول عزل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي ومدى صلة ذلك بمحاولة الرئيس ترامب تعطيل تحقيقات المكتب بتدخل روسيا في انتخابات 2016. ومن مصادر القلق على نحو خاص للرئيس ترامب أن التحقيقات شملت صهره جاريد كوشنر.
وهناك متاعب تلاحق ترامب في أجندته المحلية كالميزانية وإلغاء «أوباما كير» الذي ترك أكثر من 23 مليون أميركي دون تغطية تأمين. كما رفضت محكمة الاستئناف مؤخرا أمرا تنفيذيا للرئيس يحظر فيه دخول المواطنين من ست دول إسلامية إلى الولايات المتحدة.
وتواصل شعبية ترامب في الهبوط انعكاسا لهذه الأخبار السيئة، حيث أظهرت استطلاعات موثوق فيها أن ثلث الأميركيين فقط، راضون عن أداء الرئيس وبدأ الجمهوريون الذين يبحثون عن الترشح في الانتخابات المحلية وانتخابات الكونغرس عام 2018، ينأون بأنفسهم عن ترامب، ومن شأن ذلك تعقيد جهود البيت الأبيض على صعيد الأجندة المحلية والمبادرات الخاصة بالسياسة الخارجية.
ففي الأسبوع الماضي فقط، كانت هناك مؤشرات على التمرد على سياسات ترامب فقد أسقط أعضاء مجلس الشيوخ اقتراحاً مدعوماً من الإدارة لتشديد العقوبات على طهران واقترحوا فرض قيود على مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعودية. وفي مثل هذه الأجواء، سيكون من الصعب على ترامب دفع جهود السلام بين إسرائيل وفلسطين، من خلال اتخاذ أي خطوات تعارض سياسات الاحتلال الإسرائيلية، وهو الأمر الذي لن يحظى بتأييد الكونغرس.
وهكذا، ففي حين كان المسرح مهيّأ للرئيس وكان قادراً على كتابة النص بنفسه الأسبوع الماضي، عاد إلى مسرح مزدحم في واشنطن ووجد دراما ساخنة يكتبها أناس غيره، مثل الكونغرس والمحاكم و«أف بي آي» والمحققون الخاصون والإعلام ولننتظر لنرى كيف سيتصرف الرئيس في مثل هذا الوضع.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/06/01