من القسوة يخرج الفرج
فؤاد البطاينة
إن للمرحلة التي تعيشها منطقتنا عنوان أساسي ، وعناوين فرعية كثيرة ، ولكل عنوان فكرته الأساسية، وعلى المعني بها التقاط ما يعنيه . أما العنوان الأساسي فبات الكل يعرفه بفكرته. وهو استكمال شروط تحقيق المشروع الصهيوني وعلى رأسها الشروط على الساحة الفلسطينية بإنهاء فكرة المقاومة ووسيلتها وأصحابها من ناحية، والقبول الرسمي العربي والفلسطيني بدولة إسرائيل كدولة يهودية صديقة بشفافية طبقا للمنظور الإسرائيلي بصيغة ما، من ناحية ثانية.
أما حزب الله أو المقاومة الإسلامية الإيرانية فليس لها ولغيرها من دول الإقليم مسوغ قانوني دولي لمواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين كمسألة تُطرح على أنها تخص أصحابها . إلا أنها تمتلك المسوغ والمبرر في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الجديد ككل لما يُلحِق بها من تأثير مباشر وغير مباشر.
ومن هنا يكون توريط الدول الإقليمية في أحداث المنطقة شرطا حتى لو شاءت الابتعاد عنها. وذلك لمواجهتها أو تطويعها كإجراء استباقي بهدف ضمان سلاسة تنفيذ المشروع الصهيوني المرحلي في فلسطين وفي المنطقة أولا ، ولكي تكون هذه الدول جزءا من مخطط الشرق الأوسط الجديد المدمجة به إسرائيل كقوة إقليمية ثانيا.
من هنا فإن التخبط الدولي والعربي في مواجهة الإرهاب جاء مقصودا وموجها . وما ذلك إلا موجبات ووسائل ومظاهر لفكرة العنوان الأساسي للمرحلة وإنجاحها . كما أن أزمات المنطقة العربية السياسية المفتعلة هي أيضا لخدمة مشروع العنوان الأساسي للمرحلة ، تماما كما الأزمة مع إيران ومع تركيا على خلفية ما يجري هي أزمات مفتعلة ومصممة لخدمة مشروع المنطقة . وبالمنطق فإن هذه الأزمات البينية العربية والبينية على صعيد دول المنطقة ستتوسع وتنتشر وستتحرك صعودا ونزولا حتى تأتي أوكلها لخدمة الفكرة الأساسية خطوة وراء أخرى .
سيشهد الشعب العربي في هذه المرحلة الكثير مما يقلب حساباته على صعيد مفهومه ومفاهيمه للواقع الحقيقي لدولة ولثوابتها الواهمة . فهذا الشعب بدولة خرج من الاستعمار التركي المسلم المباشر إلى استعمار صهيوني مباشر بالوكالة ، ويعيش هذه الحالة منذ مائة عام وهي فترة بداية النهضة الصهيونية وبداية شبابها في بلاده كغازية ومستعمِرة ، وفلسطين هي قاعدة عسكرية سياسية له، وفترة مائة عام ليست سوى عام أو عامين في حساب نهضة الدول القائمة على الغزو والاستعمار .
علينا أن نتأكد بأن مآل إسرائيل التي تعيش فترة بداية شبابها أو فتوتها هو إلى الزوال ، وأنه لا مستقبل لها في منطقتنا إلا كمستقبل المستعمِر العابر ، إلا أن الطريق أمامها تبدو على المدى المنظور ممهدة ولا يمكن وضع تصور لنهايتها ما لم تبدأ الدول العربية بحركة تحرر من الاستعمار.
ستكون الطريق أمام دولنا وشعوبها للتحرر والاستقلال ممهدة وأكثر وضوحا ومنطقية وتسويغا في نهاية هذه المرحلة التي نعيشها ، فمن الشدة والقسوة والصدمة يخرج الفرج . حيث في هذه المرحلة سينكشف للشعوب العربية على ألسنة حكامها وأفعالهم وإعلامهم بأن الدول العربية كلها تعيش حالة استعمار مباشر بالوكالة , وأنها دول لم تتوقف عن التنسيق مع الصهيونية الأمريكية والإسرائيلية لا في حالات الحروب ولا في حالات السلم.
.وسيتكشف للحكام العرب واقع وحقيقة استخدامهم المرحلي ، وبأن تحالفاتهم الوهمية الخادعة تنقلب عليهم وعلى بلدانهم وشعوبهم بنتائج كارثية ستخرج من رمادها صحوة عربية شعبية على مساحة أوطاننا باتجاه واحد هو التحرر والاستقلال.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/06/18