أيهما أخطر.. العدوان على اليمن أم حصار قطر؟!
معروف درين
قد يظن البعض إني بصدد الحديث عن الأزمة الخليجية مع قطر أو بصدد التبرير لهذه الأزمة أو الدفاع عنها وعن أطرافها والإجراءات المتخذة حيالها فذلك ليس محور حديثي في هذه السطور، فكل الذي أُريد الحديث عنه هنا هو النفاق العالمي والكيل بمكيالين الذي بلغ مداه وحدا لا يمكن السكوت عنه في العدوان على اليمن الذي دخل عامه الثالث بقرابة أربعة أشهر حيث دمر جل المنشآت الحيوية من طرق وجسور ومدارس ومصانع ومزارع ومعالم سياحية وملاعب رياضية وكل ماله علاقة بالحياة يتم استهدافه وبشكل مستمر من قبل تحالف العدوان..
ثمانية وعشرون شهراً تقريبا والعدوان يفرض حصار خانق على اليمن برا وبحرا وجوا والمجتمع الدولي لم يحرك ساكنا إزاء ذلك ورغم مقتل عشرات الآلاف وجرح ثلاثة أضعاف ذلك جراء القصف المستمر على اليمن والأسواق وتجمعات المدنيين تحديداً في مناسباته أعراسا كانت أو عزاء ورغم تشريد قرابة أربعة ملايين يمني داخل اليمن بفعل العدوان، رغم ذلك كله رأينا ونرى مواقف خجولة سواء من المنظمات الدولية أو بعض الدول الغربية والأوروبية لا ترق لمستوى الجرائم التي ارتكبها العدوان بحق اليمن الأرض والإنسان طوال فترة العدوان وحتى اللحظة وعلى العكس من ذلك ظهر النفاق العالمي وعدم المصداقية والكيل بمكيالين في الأزمة الخليجية “حصار قطر” !!
نعم ومنذ الأسبوع الأول على الأزمة الخليجية التي لا تزال في شهره الأول وحصار قطر الذي لا يرق إلى مستوى حصار أو تسميته بالحصار مقارنة باليمن ومعاناة اليمنيين كون حصارها من ثلاث دول فقط وكل أمورها ماشية على ما يرام ومع هذا رأينا العجب العجاب في المواقف المتعاطفة مع قطر – وأنا هنا ليس مع أو ضد ما يحدث في قطر- فقط من باب المقارنة وإظهار العالم المنافق على حقيقته فهذا اتحاد علماء المسلمين يصدر بيان وفتوى يحرمان الحصار والقطيعة على قطر ومن الأسبوع الأول ولم تحرك دماء وأشلاء عشرات الآلاف من الأبرياء اليمنيين سواء القتلى أو الجرحى أو المشردون ومعاناتهم طوال ثمانية وعشرون شهرا هذا الاتحاد، فهل أصبح الإسلام والإفتاء هذه الأيام حسب الطلب ولمن يدفع أكثر فقط دون النظر في المظلومية حتى لو ناصروا الجلاد على الضحية؟!
كما رأينا الكثير من المنظمات الدولية دعت وتدعي إلى ضرورة إنهاء الحصار على قطر وإنهاء المعاناة التي خلفها بحق الأفراد والمؤسسات كونها محالفة لحقوق الإنسان، وهنا نتساءل عن أي معاناة يتحدثون وعن أي حقوق إنسان وعن أي حصار ،ولماذا لا نرى لهم مواقف إمام العدوان على اليمن والمعاناة الحقيقية وانتشار الأمراض والأوبئة فمرض الكوليرا حصد أكثر من 1400 وفاة وتسجيل قرابة 220 ألف حالة اشتباه والموظفون بدون مرتبات للشهر التاسع على التوالي ، فأين الحصار الحقيقي وأين المعاناة وحقوق الإنسان الذي تنادوا بها في أماكن وتتناسوها في أماكن أخرى؟!
وثمة مواقف غريبة أيضا للكثير من قيادات الدول الغربية والأوروبية التي دعت إلى إنهاء الحصار وحل الأزمة عبر الحوار وفي المقابل لم نر لها مواقف أو تصريحات إزاء الأزمة الحقيقية والحصار الحقيقي والعدوان البربري الغاشم على اليمن، تناقضات كثيرة وغريبة بل ذهب بعض المحللين السياسيين إلى تحميل قطر مسؤولية تأخر الحسم العسكري في اليمن لتواصلها مع قيادة صالح والحوثي، وثمة تناقض واضح في الموقف الأمريكي ما بين موقف الرئيس ترامب المتشدد والداعم للسعودية وما بين مواقف وزير خارجيته تيلرسون المتعاطف والمهادن للقطر الذي حاول إرضاء كل أطراف الأزمة ومسك العصا من المنتصف لعل قطر تخضع وتدفع ما قرره ترامب في زيارته الأخيرة للسعودية..
المهم كما هو عار ومخزي المقارنة بين مواقف القادة والمنظمات والعلماء والاتحادات الداعية لإنهاء الحصار على قطر والداعمة لاستمرار العدوان والحصار على أبناء الشعب اليمني المُعتدى عليه فقد بات واضحا للجميع حقيقة المجتمع الدولي الذي يميل مع الجلاد ويسانده إن كان ثرياً ضد الضحية الفقيرة، فنحن في اليمن لم نسلم من تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة والداعمة والمؤيدة للعدوان وأخرها بيان وزارة الخارجية الأمريكية الأخير بخصوص اليمن وما جاء فيه من تلفيقات وافتراءات تخدم العدوان وتسانده وقد جاء اعتراض ورفض وزير الخارجية اليمنية في حكومة الإنقاذ بقيادة المهندس /هشام شرف في حينه حيث فند كل ما جاء في التقرير المذكور من مغالطات وكذب وتزوير للحقائق والذي نشر في معظم وسائل الإعلام.
لك الله يا شعب اليمن حتى مواقف الدول والمنظمات الدولية والعلماء إن جاز تسميتهم بذلك كلهم يستبيحون دمائكم ويحللون قتلكم وحصاركم لأنكم فقراء في المال ولكنكم أغنياء النفوس وصابرين وصامدين على جور الأشقاء والأقرباء ولن يتركم الله فقط مجرد ابتلاء وستخرجون منه منتصرين بثباتكم وصبركم وبجور وظلم إخوانكم لكم الذين تحالفوا مع الأعداء لقتلكم وما ذلك على الله ببعيد، بل أن ما يسمونه بحصار قطر سيطر على كل وسائل الإعلام والمواقف الدولية والمنظمات ولم نعد نسمع عن اليمن وسوريا وغيرها من الدول التي بحاجة إلى حلول سياسة عاجلة وتسليط الضوء على الواقع المرير فيها وكأن ذلك بفعل فاعل لغض الطرف عن جرائم العدوان في اليمن وغيره من الدول العربية الأخرى!!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/01