حرب الوظائف!!
محمد البلادي
• لا أعرف ما هي أخبار (هيئة توليد الوظائف) التي تم تشكيلها قبل عدة سنوات.. وإلى أين وصلت هذه الهيئة التي يبدو أنها لم تغادر مرحلة الولادة حتى الآن؟!.. ما أعرفه ومتأكد منه تمامًا أن (حرب الوظائف) العالمية التي كان الاقتصاديون يُحذِّرون منها طوال العقد الماضي؛ قد بدأت بالفعل!.. وأن العالم الذي ظل تحت سيطرة السياسيين والعسكريين لقرون طويلة، آخذ في التحول والاتجاه بسرعة لافتة نحو الاقتصاديين ورجال الأعمال؛ الذين باتوا يُشكِّلون معظم وزارات دول العالم، بعد أن أصبح النجاح في خلق وصناعة الوظائف، وتمكين الشباب، هما التحدي الأكبر، والمعيار الأول في تحديد نجاح الحكومات أو عدم نجاحها.
• لن (أدوشكم) بأرقام وإحصاءات ربما تصيبكم بالدوار، بل سأكتفي بلفت أنظاركم إلى ما جاء في إحصاءات شركة (جالوب العالمية) من أن سبعة مليارات إنسان يتنافسون اليوم -وقل إن شئت يتقاتلون- وبشكل شرس وغير مسبوق في الحصول على (وظيفة مناسبة)، تضمن لهم دخلًا جيدًا يكفل لهم ولأبنائهم مسكنًا وعلاجًا وتعليما مناسبًا، وأن حكومات هذه الجموع الهائلة من البشر تقاتل هي الأخرى على كل الجبهات؛ وبكل الأسلحة، السياسية والعسكرية، المشروعة وغير المشروعة من أجل تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي الذي تعتبره بعضها مهمة مقدسة، ولعل نظرة سريعة على نشرات الأخبار، خصوصًا في المنطقة العربية تؤكد لك وبشكل لا يقبل الشك أن البحث عن (الوظائف) بات هو المحرك الأول لكل الأحداث!
• التوظيف ومكافحة البطالة.. هي واحدة من أهم تحديات جهاتنا المعنية في المرحلة المقبلة، التي يجب عليها النزول لمعترك هذه الحرب، وإذا كان هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين على أن التميز الاقتصادي المستدام يتمحور بشكلٍ كبير حول (ريادة الأعمال) و(الابتكار)، فإننا بحاجة ماسة لصناعة (رواد الأعمال) أولًا.. فلن تستطيع إيجاد وظائف حقيقية و(مستديمة) ومقنعة للشباب دون أن يكون هناك رواد أعمال متفهمون لأدوارهم وواجباتهم الوطنية والاجتماعية، رواد لهم عملاء حقيقيون ودائمون، كي يستطيعوا صناعة طلب حقيقي في سوق العمل، بعيدًا عن أجيال سابقة من رجال الأعمال (السلبيين) الذين أغرقونا بوظائف (السعودة) الوهمية، والوظائف المؤقتة التي لم تُقدَّم للوطن إلا الخديعة!.
• اقتصادنا في (زمن التنافسية) و(حروب الوظائف) بحاجة ماسة إلى صناعة جيل جديد متفهم، وهذه في رأيي مهمة صعبة يجب أن تشارك فيها كل الجهات المسؤولة بدءًا بهيئة توليد الوظائف، التي نتمنى أن تتخطى مرحلة الولادة لتقوم بدورها الذي أُنشئت من أجله، وليس انتهاءً بالجامعات، التي يجب عليها الخروج من قواقعها وتجاوز أدوارها الكلاسيكية المزعومة في تأهيل طلابها للتعامل مع فرص سوق العمل المتاحة، إلى دور أكبر وأهم هو تخريج مواطن قادر على صناعة الوظيفة وخلقها من العدم إن لم يجدها.
• ليس أخطر من إحباط رواد الأعمال في مجتمعٍ ما، إلا أن تُملأ المؤسسات بجيوش من الموظفين المحبطين!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/07/08