آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عاصم حمدان
عن الكاتب :
أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز

الهند في إسرائيل.. لماذا؟!


عاصم حمدان

في ظلّ ما تعيشه بعض البلدان العربية من اضطرابات وفتن متعدّدة، نشط الكيان الصهيوني في تسويق نفسه لدول لم يكن يحلم في الماضي بإقامة علاقة دبلوماسية معها، ومن هذه الدول الهند، حيث يقوم رئيس وزراء الهند «ناريندرا مودي» بزيارة لإسرائيل، وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها زيارة تاريخية، والأولى من نوعها لرئيس حكومة هندية منذ سبعين عامًا، فقد ظلت الهند معدودة من دول عدم الانحياز، بمنأى عن أي علاقة مع إسرائيل، كما ترسّخت علاقتها مع الفلسطينيين، تجسيدًا للمبادئ التي ظلت متوارثة في المؤسسة السياسية الهندية.

وإذا ما عدنا إلى الماضي، وقبل نصف قرن، وتحديدًا بعد حرب حزيران 1967م، نجد أنّ العديد من الدول الإفريقية، ودول أمريكا اللاتينية قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، غير عابئة بالموقف الأمريكي والإنجليزي؛ بل إن دولة مثل فرنسا بزعامة الرئيس «شارل ديغول» قد اتخذت موقفًا مناصرًا للقضايا العربية والفلسطينية، ويعزو بعض الدارسين أن الاضطرابات والمظاهرات الطلابية التي حدثت سنة 1968م، كانت وراءها أيادٍ خفية من اللوبي الصهيوني؛ حيث أدت تلك الاضطرابات إلى سقوط حكومة «ديغول»، وهذا يذكّرنا بأن الموقف البريطاني المعتدل والموضوعي أثناء حرب أكتوبر 1973م بزعامة رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث، والذي رفض أثناء حرب أكتوبر مع وزير خارجيته « أليك دوغلاس هوم» هبوط الطائرات الأمريكية المحملة بالسلاح والعتاد للكيان الصهيوني، وعدم التزوّد بالوقود في المطارات البريطانية، إضافة إلى إيقاف مبيعات السلاح التي كانت الحكومة الإسرائيلية قد عقدتها مع الجانب الإنجليزي. وقد أثار ذلك الموقف حنق اللوبي الصهيوني داخل حزب المحافظين، وعمل من داخل الحزب على إسقاط حكومة «هيث» عام 1974م، واختيار «مارغريت تاتشر»، المعروفة بولائها للحركة الصهيوينة، وكان أول شيء قامت به عند صعودها لرئاسة الوزراء هو زيارة إسرائيل، وكان ذلك في منتصف الثمانينيات الميلادية، مع أن إسرائيل كانت تحكم من قبل حزب الليكود، الذي كان من رموزه «مناحيم بيغن» و»إسحق شامير»، ولقد كانا أثناء حقبة الانتداب البريطاني في إسرائيل مطلوبين للعدالة البريطانية، وذلك بعد التفجير الذي قامت به عصابات الإرغون وشتيرن في فندق الملك داود في القدس، وذهب ضحيته عدد كبير من البريطانيين.

ولعل المرء يتساءل عن أسباب تخلّى الهند عن موقفها الملتزم بدعم القضية الفلسطينية، وفتح آفاق التعاون مع إسرائيل، وخصوصًا في الجانب العسكري، وربما يعود ذلك إلى ضعف اللوبي العربي، وعدم امتلاكه للأدوات والوسائل التي يمتلكها اللوبي الصهيوني، ثم إن الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس قد كان من العوامل التي أدت إلى ضعف الاهتمام بالقضية الفلسطينية، يضاف إلى ذلك كله انشغال الدول العربية بهمومها الداخلية، وخصوصًا بعد ما عرف بثورة الربيع العربي، والتي كانت حقيقة خريفًا تساقطت معه كل الجهود التي بذلها الصادقون من رؤساء وزعماء العرب وغيرهم لدعم قضيتهم الأولى والأخيرة، وهي قضية فلسطين، والقدس الشريف.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/07/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد